أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢)
المفردات :
(وَما قَدَرُوا اللهَ) يقال : قدرت الشيء : عرفت مقداره ، والمراد ما عرفوا الله حق المعرفة. (قَراطِيسَ) : جمع قرطاس ، وهو ما يكتب فيه من ورق أو غيره. (مباركا) : كثير البركة. (أُمَّ الْقُرى) المراد بها : مكة المكرمة.
المعنى :
من عرف الله حقيقة ، وأدرك ما يجب في حقه ، وما يستحيل ، وما يجوز ، لا يسعه إلا أن يعترف بالرسالة والسفارة بين الخلق والخالق ـ جل جلاله ـ فالله لا يحده مكان ، وليس له زمان وهو مخالف للحوادث يستحيل عليه أن يخاطب البشر مباشرة : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ثم يفضى الرسول إلى الخلق بالتعليمات الإلهية ، فمن أنكر الرسالة ما قدر الله حق قدره ولا عظّمه حق تعظيمه ، بل ما عرفه أصلا.
والله العالم بكل شيء القادر لا يعجزه شيء ، الذي وسعت رحمته كل شيء يعلم أن الخلق لا يمكن أن تصل إلى الغرض المقصود إلا بالهداة والمرشدين من الأنبياء والمرسلين ، فمن ينكر رسالتهم ما عرف الله حق المعرفة ، ولا قدره حق قدره.
قل لهؤلاء يا محمد : من أنزل الكتاب على موسى؟ وأنتم تعترفون بالتوراة إذا قلتم : (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) وقد أرسلتم الوفد تسألونهم عن محمد ودينه فكيف تقولون : ما أنزل الله على بشر من شيء!!! وقيل في الآية معنى آخر ... من أنزل التوراة على موسى نورا وهدى للناس وقد كانت التوراة كذلك حتى غيروها وحرفوها ونسوا حظا كثيرا منها ، وجعلوها قراطيس مقطعة ، وورقات مفرقة ، ليتمكنوا مما راموا من التحريف والتبديل ، وقد كان الحبر يفتي بالتوراة ويظهرها ، وإذا