كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)
المفردات :
(افْتَرى) : اختلق الكذب. (غَمَراتِ الْمَوْتِ) : واحدها غمرة ، وهي الشدة ، وغمرات الموت : سكراته. (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) بسط اليد سبق شرحه في الجزء السادس آية ٢٨. (الْهُونِ) : الهوان والذل ، والهون : اللين والرفق (خَوَّلْناكُمْ) : أعطيناكم ومنحناكم ، والخول : الخدم والحشم. (بَيْنَكُمْ) هو بمعنى الصلة ، أو هو ظرف ، والاتصال مفهوم من الكلام. (ضَلَ) أى : غاب.
المعنى :
شهادة ضمنية للنبي صلىاللهعليهوسلم بالصدق حيث بين عاقبة الكذب على الله ؛ لا أحد في الوجود أظلم ممن كذب على الله ، وادعى أنه ما أنزل على بشر شيئا ، إذ أثبت له الشريك والولد ، أو قال : أوحى إلىّ ولم يوح إليه شيء ، كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي ، أو قال : سأنزل مثل ما أنزل الله على رسله (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [سورة الأنفال آية ٣١].
يا للعجب لهؤلاء ... ولو تراهم في غمرات الموت وشدائده والحال أن الملائكة قد بسطت أيديها لهم لتخرج أنفسهم من أجسادهم بمنتهى الشدة والعنف (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) (١) وتقول لهم الملائكة تأنيبا وتعنيفا : أخرجوا أنفسكم مما هي فيه وخلصوها إن أمكنكم ذلك ، وقيل : المعنى : أخرجوها كرها وقد قيل : إن روح المؤمن تخرج بسهولة وروح غيره تنتزع انتزاعا شديدا.
وقال الكشاف : هذا تمثيل لفعل الملائكة في قبض أرواح الكفرة.
__________________
(١) سورة الحديد آية ٢٧.