المفردات :
(صَغارٌ) الصغار والصغر : الذل والهوان ، والصغر : القلة في المحسوسات. (أَجْرَمُوا) : ارتكبوا ما فيه جرم.
كان الوليد بن المغيرة يقول للنبي صلىاللهعليهوسلم لو كانت النبوة حقا لكنت أنا أولى بها منك ، لأنى أكبر منك سنّا ، وأكثر منك مالا ، فأنزل الله هذه الآية ، وقيل : نزلت في شأن أبى جهل.
المعنى :
أراد أكابر قريش أن تكون لهم النبوة والرسالة ، وأن يكونوا متبوعين لا تابعين وقالوا : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (١)!! وذلك حسدا منهم وغرورا ، وظنّا منهم أن الرسالة مركز دنيوى ، فكما بسط الله الرزق لهم وآتاهم مالا ممدودا ـ أى : كثيرا ـ وبنين شهودا ـ أى : حضورا للمجالس ـ وكبارا في القوم. يؤتيهم النبوة ، ويمنحهم الرسالة.
ولهذا إذا جاءتهم آية دالة على صدق محمد ، وأنه رسول الله ، قالوا : لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله من الآيات والمعجزات : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٢). (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) (٣) أهم يقيسون الرسالة على مظاهر الدنيا الكاذبة؟ وما علموا أن الله يعلم أهل رسالته ومكان نبوته ، ومن هو أهل لأداء الرسالة والقيام بالأمانة على الوجه الذي يرضاه ، على أن الرسالة فضل من الله يمنحها لمن يشاء من عباده ، لا ينالها أحد بكسبه ، والله لا يعطيها إلا لمن هو أهل لها لسلامة فطرته ، وطهارة قلبه ، وقوة روحه ، ومناعة نفسه ، حتى يمكنه القيام بأعبائها ، أما من يطلبها ويرغب فيها فليست له ، ولا هو يصلح لها ، ولا هي تصلح له.
وها هي ذي عاقبة هؤلاء الذين أجرموا في حق الله ، وطمعوا فيما لا طمع فيه سيصيبهم صغار وذلة ، وعذاب ومهانة من عند الله ، جزاء بما كانوا يمكرون ، ويفسدون في الأرض ولا يصلحون.
__________________
(١) سورة الزخرف آية ٣١.
(٢) سورة المدثر آية ٥٢.
(٣) سورة الزخرف آية ٣٢.