فلا يهمنك أمرهم ولا تحزن عليهم ، فالأمر كله لله. فمن يرد الله أن يهديه للحق ويوفقه للخير يشرح صدره للقرآن ، ويوسع قلبه للإيمان ، فعند ذلك يستنير الإسلام في قلبه ويتسع صدره للقرآن ، وقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن شرح الصدر فقال ـ : «هو نور يقذفه الله في قلب المؤمن فينشرح له وينفسح ، قالوا : فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت».
وهذا يكون عند من حسنت فطرته وطهرت نفسه وكان فيها استعداد للخير وميل إلى اتباع الحق.
ومن فسدت فطرته ، وساءت نفسه ، إذا طلب إليه أن ينظر إلى الدين ويدخل فيه لما استحوذ وامتلأ قلبه من باطل التقاليد والاستكبار ، والعناد والحسد والغرور ، إذا طلب إليه أن ينظر في الدين ويدخل فيه ، يجد في صدره ضيقا ـ وأى ضيق؟ ـ (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) وهذا الصنف تكون إجابة الداعي عنده ثقيلة على نفسه جدّا ، فيشعر بضيق شديد ، وحرج كثير ، كأنه كلف من الأعمال ما لا يطيق ، أو أمر بصعود السماء ، وأصبح حالهم كحال الصاعد في طبقات الجو ، والمرتفع في السماء كلما ارتفع وخف الضغط عنه شعر بضيق في النفس وحرج في القلب.
سبحانك ربي هذه نظرية علمية لم يقف عليها الناس إلا قريبا. وقد أخبر بها القرآن من أربعة عشر قرنا.
وهذا الإسلام الذي شرح الله صدر بعض عباده له ، هو صراط ربك المستقيم ، صراط الله العزيز الحميد الذي يعلم خلقه وما هم عليه ، فهو العلاج الوحيد ، والدواء المفيد الناجع لكل داء ، فعليكم به أيها المسلمون إن أردتم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
قد فصلنا الآيات ، وبيناها على أتم وجه ، لقوم يتذكرون ويتعظون ، لهؤلاء السالكين طرق الهداية ، المنتفعين بنور القرآن وآياته ، لهؤلاء دار السلامة والسلام ، والأمان والنعيم وهي دار الجنة ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ وليهم ومتولى أمرهم ، وهو حسبهم من كل ما يعنيهم وذلك بسبب ما كانوا يعملون من صالح الأعمال في الدنيا.