المفردات :
(يُذْهِبْكُمْ) : يهلككم. (مِنْ ذُرِّيَّةِ) : من نسل قوم آخرين. (مَكانَتِكُمْ) : حالكم التي أنتم عليها.
المعنى :
وربك الغنى عن خلقه وعن عبادتهم ، والكل فقير إلى رحمته وعفوه ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (١) وهو ذو الرحمة بأوليائه وأهل طاعته ، رحمته وسعت كل شيء ، إذ كل ما عداه محتاج إليه في وجوده وبقائه.
إن يشأ يذهبكم يا أهل مكة ويأت بخلق غيركم أفضل منكم وأطوع ، وإن يشأ يستخلف من بعدكم من يشاء من الأقوام فإنه هو الغنى القادر على إهلاككم وإنشاء قوم آخرين من ذريتكم أو ذرية غيركم ، يكونون أسمى منكم روحا وأصفى منكم نفسا ، وقد صدق الله وعده ، فأذهب المستكبرين المعاندين الجاحدين من زعماء الشرك ، واستخلف من بعدهم قوما آخرين هم الصحابة والسابقون من الأنصار والمهاجرين ، وبعد هذا الإنذار في الدنيا ، إنذار في الآخرة ، وهو : إن ما توعدون من جزاء وثواب آت لا شك فيه ، وما أنتم بمعجزين الله بهرب ولا بمنع ، وهو القاهر فوق عباده.
قل لهم يا محمد : يا قوم اعملوا على مكانتكم وطريقتكم التي أنتم عليها ، إنى عامل على طريقتي ومكانتى التي هداني إليها ربي ، ورباني عليها ، ولسوف تعلمون من تكون له العاقبة الحسنة والنهاية العظمى. قال الزمخشري في تفسيره «الكشاف» : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) تحتمل وجهين : اعملوا على تمكنكم وأقصى استطاعتكم. وإمكانكم ؛ واعملوا على جهتكم وحالكم التي أنتم عليها ، والمراد اثبتوا على كفركم وعداوتكم فإنى ثابت على الإسلام ، فسوف تعلمون الذي تكون له العقبى يوم القيامة ، (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢) وهذا إنذار لطيف المسلك دقيق المآخذ ، مع التوجيه إلى النظر والفكر وحسن الأدب وبيان السبب في الحكم للنبي صلىاللهعليهوسلم إذ لا يفلح الظالمون لأنفسهم بالكفر.
__________________
(١) سورة فاطر آية ١٥.
(٢) سورة سبأ آية ٢٤.