المفردات :
(ذَرَأَ) أى : خلق وأبدع. (أَوْلادِهِمْ) الولد : يطلق على الذكر والأنثى. (لِيُرْدُوهُمْ) : ليهلكوهم بالإغواء. (وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) : يخلطوا عليهم دينهم. (حِجْرٌ) الحجر : أصله المنع ، ومنه سمى العقل حجرا لمنعه صاحبه ، والمراد الحرام. (وَصْفَهُمْ) أى : جزاء وصفهم.
المعنى :
أثر من آثار وسوسة الشيطان للإنسان وعمل من أعمال إبليس ، وصورة من صور الجاهلية الجهلاء ، التي كان عليها العرب قبل الإسلام.
وجعلوا لله مما خلق من الحرث والأنعام نصيبا مفروضا وقدرا محدودا ، وجعلوا كذلك نصيبا لمن أشركوهم مع الله من الأوثان والأصنام ، فقالوا : هذا لله بزعمهم وبقولهم الذي لا بينة معه ولا حجة فيه. وهذا لشركائنا ومعبوداتنا ، نتقرب به إليها.
والمروي أنهم كانوا يجعلون في مالهم نصيبا لله ينفقونه لإطعام الفقراء والمساكين وإكرام الضيفان والصبيان ، ونصيبا للآلهة يعطى لسدنتهم وخدمهم ، وما ينفق على معابدهم ، وما كان لشركائهم خاصة لا يصرف إلى الوجوه التي جعلوها لله ، بل يجعلونه للسدنة وخدمة الأصنام والأوثان ، وما كان لله فهو واصل إلى شركائهم ، ألا ساء الحكم حكمهم وبئس ما يصنعون!؟؟
إذ هم اعتدوا على الله بالتشريع الفاسد ، وأشركوا به غيره ، وفضلوه عليه. والحال أن الله هو الذي خلق كل شيء ، وما عملوه لا سند له من عقل أو شرع ، أليست هذه جاهلية جهلاء وضلالة عمياء؟؟
ومثل ذلك التزيين لقسمة القرابين من الحرث والأنعام بين الله والآلهة زين لكثير من المشركين شركاؤهم قتل أولادهم. وكان مظهر التزين أنهم خوفوهم الفقر في الحاضر والمستقبل (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) (١) وخوفوهم العار ، فقتلوا البنات خوف العار والفقر والزواج من غير الكفء.
__________________
(١) سورة الإسراء آية ٣١.