المفردات :
(طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) : هم اليهود والنصارى. (دِراسَتِهِمْ) : قراءتهم وعملهم. (بَيِّنَةٌ) البينة والبيان : ما به يظهر الحق. (وَصَدَفَ عَنْها) : ومنع الناس عنها.
المعنى :
لقد تكلم القرآن الكريم على أسس الدين وأصوله ، ووصاياه ، ثم قفّى ذلك بالحديث عن القرآن وأثره ، ورد بعض شبه المعاندين ، وافتتح ذلك بالكلام على التوراة ، فهي أشبه بالقرآن من الإنجيل والزبور ، لاشتمالها على الأحكام كثيرا. (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) وهو : كذا وكذا ، إلى آخر الوصايا العشر السابقة ، ثم أخبركم بأنا آتينا موسى الكتاب من قبل تماما للنعمة والكرامة والخير والهداية على المؤمن المحسن.
نعم كان تماما على من أحسن ، ويؤيد هذا المعنى قراءة من قرأ : (تماما على الذين أحسنوا) ، أى : في اتباعه والنظر فيه ، والاهتداء بهديه (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء ، من أحكام الشريعة : عبادتها ومعاملتها ، وهدى لمن اهتدى به ، ورحمة لمن تمسك به ، ليجعل قومه محل رجاء للإيمان بالله ، والفوز في دار الكرامة ودار السلام.
أرأيت إلى القرآن وهو يصف التوراة بهذا؟
وهذا القرآن الذي تليت عليكم آياته البينات بأسلوبه العربي المعجز ، هو الكتاب لا ريب فيه وأنزلناه كثير البركات عظيم الشأن ، كثير الخير ، في الدين والدنيا ، قد جاء بأكثر مما جاءت به التوراة ، فاتبعوا ما هداكم إليه واجتنبوا ما نهاكم عنه ، فهو حبل الله المتين ، ونوره اليقين ، جمع طريق الفلاح في الدنيا والآخرة ، فاعملوا به لعلكم ترحمون في حياتكم ومماتكم.
أنزلنا إليكم هذا الكتاب المرشد إلى توحيد الله ، والهادي إلى سبيله ، والموصل إلى تزكية النفوس وتطهيرها من أدران الشرك والفسوق والعصيان ، لئلا تقولوا أيها العرب