المعنى :
يا بنى آدم : تذكروا نعم الله عليكم وعلى أبيكم من قبل ، وإياكم والمعاصي ، وعليكم بتقواه في السر والعلن ، فهو قد أنزل عليكم من السماء مطرا أنشأ منه نبات القطن والكتان ، والصوف والوبر ، وغير ذلك مما يتخذ لباسا للضرورة كستر العورة أو لباسا لستر البدن أو للزينة والتجمل ، يا سبحان الله! دين الإسلام ودين الفطرة والطبيعة ، لا يمنع من اتخاذ اللباس للزينة والتجمل إلا الحرير الذي يكسر قلوب الفقراء ويكون لبسه إرضاء للنفس وغرائزها.
ولباس التقوى ذلك خير وأجدى وهو لباس معنوي ، لباس العمل الصالح والإيمان الخالص ، ولا شك أنه خير من الرياش واللباس.
وخير لباس المرء طاعة ربه |
|
ولا خير فيمن كان لله عاصيا |
وذلك اللباس من آيات قدرة الله ؛ ودلائل إحسانه وفضله على بنى آدم ؛ وهذه النعم تؤهل بنى آدم لتذكر ذلك الفضل ، والقيام بما يجب عليهم من الشكر ، والابتعاد من فتنة الشيطان وإبداء العورات.
يا بنى آدم : لا تغفلوا عن أنفسكم ، ولا تتركوها غير محصنة بالتقوى ، واجلوها بذكر الله دائما ؛ فإن القلب ليصدأ كما يصدأ الحديد ، حتى تقوى النفس على مقاومة الشيطان وغروره ، وتنجح في ابتلائه واختباره ، واحذروه فإنه أخرج أبويكم من الجنة ، ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما.
احذروه إنه يراكم هو وجماعته وبنو جنسه ؛ وأنتم لا ترونه ، ولا شك أن العدو المباغت الذي لا يرى أشد من العدو المبارز الظاهر.
والوقاية منه تكون بتقوية الروح والصلة بالله ، وبمعالجة الوساوس بعد طروئها ، والاستعاذة بالله منه.
احذروه لأن الله جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ) [سورة الحجر آية ٤٢] وهذا تحذير شديد.