المفردات :
(بِكِتابٍ) : المراد القرآن. (فَصَّلْناهُ) : بيناه أتم بيان. (تَأْوِيلَهُ) : ما يئول إليه أمره ، أى : عاقبته.
المعنى :
تالله لقد جئنا أهل مكة بكتاب لا يحتاج إلى تعريف ولا بيان. هو الكامل في كل شيء ، ذلك الكتاب فصلنا آياته تفصيلا بالحكم والمواعظ والقصص والأحكام والوعد والوعيد : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ). (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ).
ألم يوضح القرآن أصول الدين وأسس الأحكام؟ ألم يرسم الخطوط العريضة للأمة الإسلامية في جميع النواحي : سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية!! ألم يحث على النظر ويذم التقليد؟!
فهو بحق الكتاب الكامل الذي فصله رب العالمين على علم ومعرفة بأسرار الكون والخلق وطبائعهم ، وهو هدى ورحمة لقوم يؤمنون ، أما غيرهم فلا ينتفعون منه بشيء.
هل ينظر هؤلاء الكفار إلى عاقبة أمره ، وما يئول إليه من صدق وعده ووعيده وظهور آياته ، روى عن ابن الربيع أنه قال : لا يزال يقع من تأويله أمر حتى يتم تأويله يوم القيامة حين يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيتم تأويله يومئذ. (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) [سورة فصلت آية ٥٣].
أما هؤلاء الكفار الذين نسوه ولم يهتدوا بهديه ، فيقولون يوم القيامة عند ما يظهر صدقه وصدق كل ما جاء به : نعم قد جاءت رسل ربنا بالحق وصدقوا في كل ما قالوا وهم يتمنون أحد أمرين : إما شفاعة الشافعين ، وإما أن يردوا إلى الدنيا فيعملوا غير ما كانوا يعملون ، نعم يتمنون الخلاص ولات حين مناص!! وهل لهم شفعاء كما كانوا يفهمون؟ (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [سورة الشعراء الآيتان ١٠٠ و ١٠١]