(وَأَنْصَحُ) : أرشد إلى المصلحة مع حسن النية. (ذِكْرٌ) أى : وعظ من ربكم.
(الْفُلْكِ) السفينة. (عَمِينَ) : واحده عم ، وهو ذو العمى. قيل : المراد عمى البصيرة ، وقيل : هو عام.
أنهى الله ـ سبحانه وتعالى ـ في الآيات السابقة الكلام عن مظاهر القدرة والوحدانية ، ثم ختم الكلام بذكر البعث وأنه كالخلق الأول.
ثم قفى على ذلك بذكر قصص الأنبياء السابقين ، وكيف لاقوا من أممهم العنت والتكذيب ، وكيف آل أمر هذه الأمم ، وفي هذا عبرة وعظة لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم وتسلية للنبي الكريم صلىاللهعليهوسلم : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) [سورة هود آية ١٢٠] (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) [سورة يوسف آية ١١١].
المعنى :
أقسم الله ـ سبحانه وتعالى ـ لأهل مكة بأنه أرسل نوحا إلى قومه ، ونوح هو النبي الأول الذي أرسل إلى قومه كما
ثبت في حديث الشفاعة ، فقال : يا قومي ويا أهلى وعشيرتي : اعبدوا الله ربكم الذي خلقكم فسواكم وعدلكم على أتم صورة وأكمل نظام ، هو الذي خلق لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ـ سبحانه وتعالى ـ هو المعبود بحق ، لا إله إلا هو ، ما لكم من إله غيره ، تدعونه وتتضرعون إليه ، آمركم بهذا لأنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم وقعه ، شديد هوله.
قال الملأ من قومه ـ وهكذا أشراف الأمم ورؤساؤهم ، دائما أعداء للهداة والمرشدين ـ قالوا : إنا لنراك في غمرة من الضلال ، أحاطت بك ، إذ كيف تنهانا عن عبادة آلهتنا : ود ، سواع ، يغوث ، يعوق ، ونسر ، إن هذا لضلال بين ظاهر!!
قال نوع مجيبا لهم : يا قوم ليس بي ضلالة ، وليس بي خروج عن الحق والرشاد إذ أمرتكم بتوحيد الله ، وعبادته وحده دون الآلهة ، ولكني رسول من رب العالمين أهديكم إلى سبيل الرشاد ، وأدعوكم إلى ما فيه سعادتكم في الدنيا والآخرة ، أبلغكم