ودنيوية وأسس أمة لها حضارة ونظام ، ولذا تراها ذكرت مفصلة وكررت في القرآن وذكر اسمه أكثر من مائة مرة.
المعنى :
ثم بعثنا بعد هؤلاء الرسل موسى بآياتنا ومعجزاتنا الدالة على صدقه ورسالته ، بعثناه إلى فرعون وملئه فظلموا بها وكفروا ، ولا شك أن الظلم والكفر من واد واحد (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١) على أنهم ظلموا بها أنفسهم ، وظلموا غيرهم بما صدوا عنها وآذوا في سبيلها .. وإنما ذكر أن موسى بعث إلى فرعون وملئه دون قومه لأنه أرسل لإنقاذ بنى إسرائيل من فرعون وكيده ، والذين استعبدهم هو فرعون وأشرافه وبطانته ، أما الشعب فكانوا مستعبدين كذلك على أن فرعون وملأه لو آمنوا لآمن الشعب كله.
فانظر كيف كان عاقبة المفسدين؟ هذه جملة القصة وخلاصتها والعبرة منها ، مع إفادة التنبيه والتفات إلى القصة ، وهاك التفصيل :
وقال موسى : يا فرعون إنى رسول من رب العالمين ، الذي بيده كل شيء ، وأنا حقيق بأنى لا أقول على الله إلا الحق ، وكيف يكون غير ذلك؟ وأنا رسول رب العالمين ، فتراه بإيجاز أثبت الرسالة له من قبل المولى ـ جل شأنه ـ وأنه معصوم من الكذب وقد أيد بالمعجزات ، وقد جئتكم يا قوم ببينة وحجة من ربكم ، لا من وضعي أنا بل من الله ـ سبحانه ـ الواحد الأحد رب السماء والأرض ورب فرعون وهامان ، فهذا فرعون مخلوق ضعيف لا رب معبود.
وإذا كان الأمر كذلك فأرسل معنا يا فرعون بنى إسرائيل ، ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك ، والسلام على من اتبع الهدى.
قال فرعون : إن كنت جئت بآية ـ كما تدعى ـ فأت بها إن كنت من الصادقين في دعواك ، فأجابه موسى بالفعل لا بالقول.
فألقى موسى عصاه ، فإذا هي ثعبان ظاهر حقيقى يتحرك وينتقل من مكان إلى مكان وأخرج يده من جيب قميصه بعد إلقاء العصا فإذا هي بيضاء ناصعة البياض ، تتلألأ لكل من ينظر إليها.
__________________
(١) سورة لقمان آية ١٣.