ما يصنع من خشب أو حجر أو معدن أو عجوة رمزا لشيء حقيقى أو خيالي ؛ ليعظم تعظيم العبادة ، والتمثال لا بد أن يكون مثالا لشيء حقيقى ، فإن عبد فهو صنم. (مُتَبَّرٌ) التبار : الهلاك. (باطِلٌ) : هالك وزائل لا بقاء له.
المعنى :
أنعم الله على بنى إسرائيل نعما لا تحصى ؛ حيث نجاهم من فرعون وملئه ، وأهلك عدوهم وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ، وجاوز بهم البحر آمنين ، وأغرق فرعون وقومه ، ومع هذا لم يقابلوا النعم بما يجب من الشكر والطاعة ، بل قابلوها بالكفر والعصيان ، وهكذا كان اليهود قديما وحديثا ، وفي هذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم.
وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ، أى : تجاوزوه بعناية الله ورعايته حتى كأن الله معهم بذاته ، فلما انتقلوا عنه ورأوا قوما «قيل : من العرب ، وقيل : من غيرهم» عاكفين على أصنام لهم ومقبلين عليها ومعظمين لها تعظيم العبادة والتقديس.
قالوا يا موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، وهذا الطلب منهم دليل على أن تقديس الأصنام وعبادة غير الله كانت متأصلة في نفوسهم وفيهم حنين لها ، وهذا شأن من دخل في دين الله حديثا.
ولقد رد موسى على من طلب منه هذا الطلب بقوله :
إنكم قوم تجهلون ما يجب لله ـ سبحانه ـ من صفات التقديس والكمال ، وتجهلون حقيقة التوحيد الخالص له سبحانه ، وأنه ليس في حاجة إلى شفيع أو واسطة ، بل هو أقرب إلى عبده من حبل الوريد ، وتجهلون حقيقة الرسالة بدليل طلبكم منى هذا!!
إن هؤلاء القوم العاكفين على أصنامهم مقضىّ على ما هم فيه بالهلاك والتبار ، إذ إنها لا تنفع أبدا ولا تضر ، وباطل عملهم في الدنيا والآخرة ، وفي تعبير القرآن إشارة إلى أن عبدة الأصنام هم المعرضون للهلاك ، وأن عملهم هذا إلى زوال ، أو في هذا بشارة بزوال عهد الوثنية من تلك الأرض ، قل لهم يا موسى : أغير الله خالق السموات والأرض المنعم عليكم بهذه النعم أأطلب لكم إلها غيره؟!! إن هذا لشيء عجيب.
وكيف تطلبون هذا وهو فضلكم على عالمي زمانكم.