المفردات :
(الرَّجْفَةُ) : الصاعقة التي تزلزل القلوب والأبدان. (حَسَنَةً) المراد : صحة وعافية ، وغنى عن الناس ، واستقلالا في الدولة. (هُدْنا) : رجعنا وتبنا.
المعنى :
ذكر المفسرون أن الله قد أوحى إلى موسى أن يختار سبعين رجلا من بنى إسرائيل ويصطفيهم ، ويأتى بهم إليه ؛ وقد اختلفوا هل كان هذا عقب عبادتهم العجل ليتوبوا؟ أو كان هذا عقب طلب موسى للرؤية.
فاختار موسى سبعين رجلا لميقاتنا ، وأمرهم أن يصوموا ، وأن يتطهروا ثم خرج بهم إلى طور سيناء ، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله وقال للقوم : ادنوا فدنوا حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجدا ، وسمعوا المولى ـ جل شأنه ـ وهو يكلم موسى بأمره ونهيه : افعل ولا تفعل ، ثم انكشف الغمام ، فأقبلوا على موسى وطلبوا منه الرؤية ، قيل : لم يصدقوا أن الذي أمرهم بقتل أنفسهم هو الله حتى يروه ، فوعظهم موسى وزجرهم ، فقالوا : يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فقال : رب أرنى أنظر إليك ، قال : لن تراني ، وبعض العلماء يقول : طلب موسى الرؤية مع علمه بعدم إمكانها ليسمعوا الرد فيكون هذا أبلغ من الرد عليهم ، ولذا أجيب بلن تراني. ورجف بهم الجبل وصعقوا حينما ألحوا في طلب الرؤية ، ولما أخذتهم الرجفة قال موسى : رب لو شئت أهلكتهم من قبل هذا حينما عبدوا العجل ، وقيل : حين طلب الرؤية وأهلكتنى معهم كذلك قبل أن أرى ما رأيت!!
قال موسى : أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ حيث طلبوا الرؤية لك جهارا قياسا منهم على سماع كلامك وهو قياس فاسد .. وقيل : ما فعله السفهاء هو عبادة العجل.
ما هي إلا فتنتك وابتلاؤك حين كلمتنى فسمعوا كلامك وطلبوا الرؤية ، تضل بالمحنة الجاهلين غير الثابتين في معرفتك ، ولست ظالما لهم أبدا بل هذا موافق لطبعهم ، وتهدى بها من تشاء من عبادك الثابتين المؤمنين ، وهذا موافق لطبعهم والله أعلم بعباده ، فلو تركوا وشأنهم لاختار كل منهم ما هو فيه ، وما قدر له ، أنت ولينا يا رب فاغفر لنا