كالقبيلة في ولد إسماعيل ، والسبط : ولد الولد ، وجعله ولد البنت أمر عرفي.
(فَانْبَجَسَتْ) : انفجرت ، بمعنى انفتحت بسعة وكثرة. (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) : جعلنا الغمام يظللهم في التيه ، والغمام : سحاب رقيق. (الْمَنَ) : شيء أبيض حلو كالعسل ، و (السَّلْوى) : طير سماني.
المعنى :
هذه شهادة الحق ـ سبحانه وتعالى ـ الذي أمرنا بالقسط ، وقد شهد لقوم موسى بأن منهم جماعة عظيمة تهدى بالحق ، وترشد إلى الخير ، وتوصل إلى سواء السبيل ، وتحكم بين الناس بالعدل الذي أمر الله به.
وهاكم بعض النعم التي أنعم الله بها على بنى إسرائيل ولم يقابلها بعضهم بالشكر ؛ وصيرناهم ، أى : قوم موسى الذين منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، صيرناهم قطعا وفرقناهم اثنتي عشرة فرقة ، كل فرقة لها ميزة خاصة ، ونظام خاص بها وتسمى جماعة.
وأوحينا إلى موسى وقت أن طلب من قومه السقيا وقد لحقهم العطش في التيه ، أوحينا إليه أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه مع السرعة والسعة والكثرة اثنتا عشرة عينا بقدر أسباطهم ، كل سبط له عين خاصة به ، وقد علم كل جماعة منهم مشربهم.
وإذا أصابهم الحر الشديد في الصحراء المحرقة جعلنا الغمام يظلهم بظله الظليل رحمة منا وشفقة عليهم.
وأنزلنا عليهم طعاما شهيا بلا تعب ولا مشقة ، يقيهم شدة الجوع وغائلته ، هذا الطعام هو المن والسلوى.
ثم قيل لهم : كلوا من طيبات ما رزقناكم ، وما متعناكم به ، ولكنهم جاروا واعتدوا ، ولم يقوموا بواجب الشكر ، وما ظلمونا بهذا أبدا ، ولكن أنفسهم فقط كانوا يظلمون ، ومن ظلم نفسه وإن لم يعرف فظلمه لغيره أكثر ، وفي الحديث القدسي : «يا عبادي : إنى حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعونى».