المفردات :
(أَخَذَ) : أخرج ، وإنما عبر به لأنه يدل على الاصطفاء والتمييز. (مِنْ ظُهُورِهِمْ) الظهر : الجزء المهم في جسم الإنسان وهو ما فيه العمود الفقرى.
هذا كلام جديد ، سيق لإلزام اليهود مع غيرهم بالميثاق العام ، بعد أن ألزمهم بالميثاق الخاص ، وللاحتجاج عليهم بالحجج العقلية والسمعية ، ولقطع أعذارهم في التقليد.
المعنى :
واذكر يا محمد وقت أن أخذ ربك من ظهور بنى آدم ذريتهم ، والأخذ من ظهور بنى آدم يلزمه الأخذ من ظهر آدم نفسه ، وفي هذه الآية الكريمة رأيان : رأى للسلف ورأى للخلف ـ رضى الله عنهم ـ جميعا ، أما السلف فيقولون : إن الله خلق آدم وأخرج من ظهره ذريته كالذر وأحياهم وجعل لهم عقلا وإدراكا وألهمهم ذلك الحديث وتلك الإجابة ، أما الخلف فيقولون : هذا من باب التمثيل والتصوير ، فلا سؤال ولا جواب ، وإنما الله ـ سبحانه ـ بما ركب في بنى آدم من العقول والإدراك وبما نصب من الأدلة الكونية على وحدانيته وربوبيته للكون كله. كأنه قال للخلق : قروا بأنى ربكم ، ولا إله غيرى ، وكأنهم قالوا بلسان الحال : نعم أنت ربنا ، ولا إله غيرك ، فنزل تمكينهم من العلم ، وتمكينهم منه منزلة الشهادة والاعتراف ، وهذا أسلوب في القرآن والسنة وكلام العرب كثير : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [سورة فصلت آية ١١].
وهذه هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، ولا تبديل لخلقه «كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» حديث شريف.
فعل الله بكم هذا مخافة أن تقولوا يوم القيامة ، عند سؤالكم عن أعمالكم : إنا فعلنا هذا لأنا كنا غافلين عن التوحيد ، ولم ينبهنا أحد إليه ، فلا عذر لكم بالجهل بعد نصب الأدلة ، ووجود العقل والفطرة.
ومخافة أن تقولوا : إنما أشرك آباؤنا من قبل ، ونحن خلف لهم ، قلدناهم في