الشَّيْطانُ) أدركه ولحقه. (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) : ركن إليها ومال. (يَلْهَثْ) اللهث : التنفس بشدة مع إخراج اللسان. (مَثَلُ) المثل : الصفة الغريبة ...
ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا بعد أخذ الميثاق العام عليهم وعلى الناس وبعد أن أرسلت لهم الرسل فكذبوا بها.
المعنى :
واتل يا محمد على اليهود وعلى غيرهم الخبر المهم الخاص بالذي آتيناه آياتنا ، وأوقفناه عليها وعلمناها له ، ولكنه لم يعمل بها ، وتركها وراءه ظهريا ، عازما على عدم العودة لها أبدا ، وقد سبق شيطانه في الفساد سبقا ملحوظا فكان من الغاوين الضالين المفسدين ، يا سبحان الله! يسبق الشيطان في الفساد والضلال!
يقول الله : ولو شئنا لرفعناه بالآيات وجعلناه في عداد الأبرار والصالحين ، ولكنه أخلد إلى الأرض ، وجعل كل همه التمتع بلذائذها الفانية ، واتبع هواه ، وران على قلبه ما كان يكسب ، حتى صار حيوانيا شهوانيا ، ظلمانيا.
وهذه الآية تفيد أن مشيئة الله متلازمة مع عمل الشخص وتابعة له.
وذلك أن الله جعل للعبد اختيارا وجعل اختياره مناط الثواب والعقاب ، وخلقه في الدنيا وجعل ما على الأرض زينة لها ليبلوه أيمتثل أم لا؟
وقد جعل من يختار الخير له سبل ميسرة ، وعنده قدرة على ذلك ، ومن يختار الشر له سبل ميسرة ، وله قدرة على ذلك (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ) [سورة الإسراء آية ١٨]. وكانت مشيئة الله تابعة لما يعلمه من اتجاه العبد في الحياة.
هذا الذي أوتى علما بالكتاب ولم يعمل به ، بل صارت روحه مدنسة ، وقلبه مظلما ، صفته العجيبة التي كالمثل في الغرابة ، كصفة الكلب يلهث دائما سواء حملت عليه وكلفته أم لا؟
وهكذا الذي يركن إلى الدنيا ويكفر بآيات الله دائما في عمل ونصب ومهما أعطى فهو في هم وتعب ، وتراه كلما بسط له الرزق زاد طمعه وألمه ، ذلك المثل الذي