المعنى :
من يهديه ويوفقه للخير ولاتباع الشرع ، والاهتداء بالقرآن فهو المهتدى حقيقة لا غير ، ومن يضله الله ، ولا يوفقه ولا يهديه إلى الخير وإلى نور القرآن فأولئك البعيدون عن الهداية هم الخاسرون ، وأى خسارة أكثر من هذا!!؟
والهداية الإلهية نوع واحد (فهو المهتدى) وأنواع الضلال لا حصر لها ، ولذا قال سبحانه : (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
وهذا بيان لما أجمل.
يقسم الله إنا قد خلقنا خلقا كثيرا من الجن والإنس ، خلقناهم مستعدين لعمل مآله جهنم ، وخلقنا كذلك خلقا مستعدين لعمل مآله الجنة (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) ، [سورة هود ١٠٥] (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [سورة الشورى آية ٧].
أما حقيقة أهل النار فهم قوم ليس لهم قلوب يفهمون بها الأوضاع الصحيحة التي بها تزكو نفوسهم ، وتطهر أرواحهم ، فهم لا يفقهون الحياة الروحية ولذتها الموصلة للسعادة الدنيوية والأخروية ، ولكنهم (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (١). ولا يفقهون أن الخير فيما أمر به الدين ، وأن الشر فيما نهى عنه الدين ، وليس لهم عيون يبصرون بها آيات الله الكونية وآياته القرآنية ، وليس لهم آذان يسمعون بها آيات الله المنزلة على رسله ولا يسمعون بها أخبار التاريخ والأمم السابقة ، وكيف كانت سنة الله معهم؟
أولئك كالأنعام لهم حواس مادية فقط ، همهم الأكل والشرب والتمتع باللذات ، بل الحيوان يأكل بلا إسراف وهم مسرفون ؛ فهم أضل سبيلا وأسوأ قيلا ، أولئك هم الغافلون عن آيات الله وغافلون عن استعمال مشاعرهم وعقولهم فيما خلقت لأجله ، بل هم غافلون عن ضرورات الحياة الشخصية والقومية والدينية.
فالخلاصة أن أهل النار هم الأغبياء الغافلون حيث لم ينظروا إلى الحياة الباقية بل شغلوا أنفسهم بالحياة الفانية فقط : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) [سورة يوسف آية ١٠٥].
__________________
(١) سورة الروم آية ٧.