المفردات :
(الصُّمُ) الصمم : عدم السمع ، والأصم : الأطرش. (الْبُكْمُ) البكم : عدم الكلام ، والأبكم : الأخرس. (الدَّوَابِ) : جمع دابة ، وهي ما تدب على الأرض ، والغالب استعمالها في الحشرات والدواب التي تحمل على ظهرها ، وإذا أريد منها الإنسان كان المقصود الاحتقار.
المعنى :
يا أيها الذين اتصفتم بالإيمان أطيعوا الله ورسوله فيما أمر ونهى ، ولا تعرضوا عن الأمر بالجهاد وبذل المال وغيرهما والحال أنكم تسمعون المواعظ والزواجر في القرآن والحديث.
وإياكم أن تكونوا كالذين قالوا سمعنا والحال أنهم لا يسمعون أبدا ... إن شر المخلوقات عند الله من لا يصغى بسمعه إلى الحق فيتبعه ويعتبر بالموعظة الحسنة فيعمل بها ، فإن من لا يستخدم جهاز السمع فيما خلق له كان كأنه فاقد له ، فهو أصم عن الحق والخير والهدى والفلاح .. والبكم الذين لا يقولون الحق ، ومن ثم كانوا كأنهم فقدوا حاسة الكلام ، والذين لا يعقلون الفرق بين النور والظلام ، والهدى والضلال ، والإسلام والكفر ؛ إذ هم لو استخدموا عقولهم وأبعدوا عنها ذل التقليد وحمى العصبية الجاهلية لعقلوا المنفعة وأدركوا الصالح المفيد ولكنهم كالبهائم لا يعقلون.
ولو علم الله في نفوسهم الميل إلى الخير والسداد والاستعداد إلى الإيمان والهدى ولم تفسد فطرتهم بسوء القدوة وفساد التربية لأسمعهم بتوفيقه سماع تدبر ووفقهم لكلامه وكلام رسوله ، ولكنه لو أسمعهم لتولوا وهم معرضون فهم لا خير فيهم أصلا.
ومن يلقى إليه شيء لا يخلو من واحد من أربع :
١ ـ معاند لا يسمع أبدا بل يجعل أصابعه في آذانه.
٢ ـ منافق يسمع ويتظاهر بالقبول ساعة الحضور ثم هو لا يتدبر ولا يفهم شيئا.
٣ ـ يسمع ليتسقط العيوب ويتلمس السقطات.
٤ ـ يسمع ليهتدى بنور الحق وهم الفئة المؤمنة الموفقة المهدية إلى يوم القيامة.