بعمله وطاعته ، وألا يأمن مكر الله ولو كانت إحدى رجليه في الجنة ، فالقلوب بين أصابع الرحمن ، والله يحول بين المرء وقلبه.
فالواجب عليه دائما أن يغذى قلبه بالعمل ويجلوه بالذكر (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [سورة الرعد آية ٢٨].
والواجب على المسلم العاصي ألا ييأس من روح الله فالله يحول بين المرء وقلبه.
وعلينا أن نسرع دائما في الخير ولا نألوا جهدا في تحصيله فالله يحول بين المرء وقلبه فيموت قبل فعل الخير أو التوبة الصادقة ، وعلينا أن نحذر خطرات القلوب وأمراضها فالله عليم بذات الصدور ، وهو يفصل بين المرء وقلبه ، وهو أقرب من حبل الوريد.
واعلموا أنكم إليه تحشرون فأسرعوا في العمل وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وأعدوا العدة ليوم الحشر.
واتقوا فتنة لا تصيبن الظالمين بل تعمهم وغيرهم كالفتن القومية التي تهد كيان الأمة وتزعزع أركانها كفتنة الملك والسيادة ، أو الخلافات السياسية وما يتبعها من أحزاب وانقسام ، وكالأحزاب الدينية ، وكظهور البدع ، والكسل عن الجهاد ، أو ظهور المنكرات مع إقرارها ، والالتواء في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهذه فتن لا تصيب أصحابها فقط بل تلتهم نيرانها الأمة جميعا إذ هم بين رجلين : رجل اشتراك في الإثم ، ورجل سكت عنه ولم يمنعه فهو كالمشترك معه.
انظر إلى الفتن التي لا حقت الإسلام في العصر الأول كفتنة عثمان ، وحادثة الجمل ومقتل الحسين وغيرها وكيف كان أثرها!! واعلموا أن الله شديد العقاب على من خالف أمره فهو معاقبه في الدنيا والآخرة.
واذكروا أيها المهاجرون ، وقيل : الخطاب لجميع المؤمنين في عصر التنزيل ، واذكروا وقت أن كنتم قلة مستضعفين في مكة والمشركون معكم بحولهم وطولهم يذيقونكم سوء العذاب. وأنتم تخافون أن يأخذوكم بسرعة خاطفة كما كان يتخطف بعضهم بعضا خارج الحرم (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العنكبوت ٦٧] فآواكم أيها المهاجرون إلى الأنصار ، وأيدكم بنصره وبما أرسل لكم من الملائكة