ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤)
المفردات :
(كَدَأْبِ) الدأب : مصدر دأب يدأب : إذا كدح وأتعب نفسه وداوم على فعله ، ثم سميت به العادة لأن الإنسان يداوم عليها ويواظب.
المعنى :
هذا استئناف ، أى : كلام جديد مسوق لبيان أن ما حل بهم من العذاب بسبب كفرهم لا بسبب شيء آخر فهو تأكيد لمضمون ما قبله (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
عمل هؤلاء الكفرة الذين مرنوا عليه وتعودوه كعمل آل فرعون والذين من قبلهم من آل عاد وثمود وقوم لوط والمؤتفكات ، أتتهم رسلهم بالبينات فكفروا بآيات الله ، وكذبوا برسل الله. فأخذهم الله بذنوبهم أخذ عزيز مقتدر ، ولا غرابة في ذلك فإن الله قوى عذابه شديد عقابه فالجزاء من جنس العمل ومسبب عنه.
ذلك العذاب الذي يأتى مسببا عن العمل بسبب أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، أى : لم يصح في حكمته أن يغير نعمة حتى يتغير صاحبها إذ هو الحكيم الكريم الرحمن الرحيم.
وهؤلاء الكفار كانوا في نعمة الأمن والرفاهية ، أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف وبعث إليهم النبي صلىاللهعليهوسلم من بينهم يتلوا عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ، نعم كانوا قبل البعثة كفرة عبدة أصنام