المفردات :
(يُثْخِنَ) يقال : أثخنه المرض والجرح : إذا أثقله وجعله لا يتحرك ، والمراد يكثر القتل ويبالغ فيه.
سبب النزول :
روى أن النبي صلىاللهعليهوسلم استشار أصحابه فيما يعمله في أسرى بدر فأشار أبو بكر بالفدية وقال : هم قومك وأهلك استبقهم لعل الله يتوب عليهم ، وخذ منهم فدية تقوى بها أصحابك ، واستشار عمر فأشار بالقتل قائلا : اضرب أعناقهم فإنهم أئمة الكفر والله أغناك عن الفداء. مكّن عليا من عقيل ، وحمزة من العباس ، ومكنى من فلان نسيب له فلنضرب أعناقهم ، وقد مال الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى رأى أبى بكر فنزلت الآية وقد ختم الله سياق الكلام في القتال بذكر حكم يتعلق بالأسرى.
المعنى :
الأسير عدو من الكفار وقع في يد المسلمين ، والحكم فيه أن الإمام يتصرف فيه تبعا للمصلحة العامة فيعرض عليه الإسلام فإن أسلم فبها ، وإلا قتله الإمام ، أو قبل الفداء منه ، أو استرقه ، أو منّ عليه بدون فداء. هذا إذا كانت للأمة الإسلامية دولة وصولة ، أما في مبدأ الأمر كما هنا عند قيام الدولة فالرأى ألا يبقوا على الأسر ولا يحملوهم معهم بل يقتلوهم قتلا. إذ هم عالة عليهم وضغث على إبالة ، وإن بقي ربما تظاهر بالإسلام وكان جاسوسا على المسلمين ، وفي هذا المعنى كانت الآية الكريمة.
ما كان لنبي ، أى : ما صح له وما استقام أبدا ، أى : لا ينبغي أن يكون له أسرى ثم يبقى عليهم ، ويقبل الفدية. فإن هذا خطر على الدولة ، ما كان له ذلك حتى يكثر القتل في الكفار ويبالغ فيه ، وفي هذا إعزاز للمسلمين ، وإضعاف للكفار وكسر لشوكتهم ، أتريدون بقبول الفداء والإبقاء عليهم عرضا من أعراض الدنيا وحطامها الزائل؟ والله يريد لكم ثواب الآخرة ، أو يريد إعزاز دينه ، والقضاء على أعدائه وهذا سبب الوصول إلى ثواب الآخرة ، والله عزيز يعز أولياءه ، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، حكيم في أفعاله وأعماله فامتثلوا أمره فهو يهديكم إلى سبيل الرشاد والخير.