إلى يثرب التي قطنها الرسول الكريم ، إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ، والذين آووا المهاجرين وأنزلوهم ديارهم وشاركوهم في أموالهم ، ونصروا رسول الله ومنعوه مما يمنعون به أزواجهم وأولادهم (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) أولئك هم الأنصار ؛ هؤلاء المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض ، يتولون أنفسهم بالرعاية والعناية ، والسهر على المصالح فهم جسد الأمة الإسلامية ، إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، فرابطة الإسلام بينهم أقوى رابطة ، والإيمان هو الصلة المحكمة ، وهكذا المسلمون في كل زمان ومكان اجتمعوا على الإيمان بالله ، والتقوى عند محبة الرسول الأكرم ولذا يقول الله فيهم : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (٢) فالأخوة في الإسلام إذا ما كانت لله حقا كانت هي الدعامة الوحيدة لتماسك بناء الأمة ، وقيل : المراد بالولاية هنا الميراث ، ونخست الآية بآية المواريث ، والذين آمنوا بالله ورسوله ولم يهاجروا بأن اعترضتهم عقابات لم يستطيعوا التغلب عليها ، وقد كانت الهجرة في مبدأ الإسلام علامة الإيمان الكامل هؤلاء ليس لكم ولاية عليهم ، وليس بينكم توارث ، وإن كانوا ذوى قربى حتى يهاجروا.
ولكن إن استنصروكم في الدين ، وطلبوا إليكم أن تمدوا إليهم يد المساعدة لهم على أعدائهم بقدر الطاقة فانصروهم إلا على قوم بينكم وبينهم معاهدة وميثاق ، والله بما تعملون بصير.
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ليس لكم أن توالوهم أو تتخذوهم أصدقاء مهما كانوا من القرابة والصلة ، إن لم تفعلوا هذا ، وتقوموا بهذه الأوامر تحصل فتنة في الأرض وفساد كبير ، وذلك بضعف الإسلام وكسر شوكته ، وظهور الكفر ، وعلو رايته!!! يا سبحان الله أنت عالم الغيب والشهادة وأنت الخبير البصير ، فلقد ظل الإسلام كما هو حتى اتخذ المسلمون بطانتهم من غيرهم ووالوا أعداء الدين بحجة السياسة مرة أو الحاجة أخرى فأصبحوا ولا حول لهم ولا قوة ، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدينا ، نعم وسنظل على ذلك حتى نعود إلى الدين والقرآن نفعل ما يريده ونتجنب ما ينهى عنه.
__________________
(١) سورة الأعراف آية ١٥٧.
(٢) سورة الحجرات آية ١٠.