المفردات :
(الْجِزْيَةَ) : نوع من الخراج ـ الضريبة ـ يضرب على الأشخاص لا على الأرض.
(يَدٍ) : سعة وقدرة. (صاغِرُونَ) الصغار والصغر : ضد الكبر ، ويكون في الأمور الحسية والمعنوية ، والمراد هنا : الخضوع لأحكام الإسلام وسيادته التي تصغر بها أنفسهم بفقد الملك.
كل ما تقدم كان في قتال المشركين وهم أكثرية سكان جزيرة العرب ، وهذه الآية في حكم قتال أهل الكتاب والغاية التي ينتهى إليها ، وقد قاتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشركين في جزيرة العرب على الإسلام لم يقبل منهم غيره ، وقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية.
المعنى :
يا أيها المسلمون قاتلوا الذين تجمعت فيهم صفات أربع ، هي سبب عداوتهم للإسلام ، وكراهيتهم لكم ، ووضعهم العراقيل في طريق الدعوة ، وتركهم مستقلين يجعلهم يغيرون على أطراف المملكة الإسلامية ويؤلبون العرب كما فعل اليهود في المدينة وما حولها ، وكما تفعل نصارى الروم في حدود بلاد العرب كما سيأتى في غزوة تبوك ، وهاك صفاتهم :
١ ـ لا يؤمنون بالله ، وقد شهد القرآن بأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى فقدوه لأنهم لا يقولون بالتوحيد ، وقد اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، يحلون ويحرمون كما يشاءون ، وقالوا : عزير ابن الله ، والمسيح ابن الله ، وقد سبق بيان عقائد النصارى في المسيح في سورة المائدة.
٢ ـ ولا يؤمنون باليوم الآخر. فهم يقولون : إنها حياة روحية فقط كحلم النائم ، ولا يرون فيها شيئا مما نعتقده من نعيم حسى وروحي ، وعذاب حسى وروحي.
٣ ـ ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ، نعم وهما لا يحرمون على أنفسهم ما حرمه الله عندهم على لسان موسى وعيسى ، وها هو ذا القرآن يقول : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) [سورة النساء آية ١٥٥] ألم يحلوا الربا والخمر وهما محرمان عندهما؟ (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)؟ [سورة البقرة آية ٨٥].