بظاهر حالهم ، ويجرى عليهم أحكام الشريعة وآدابها التي يعامل بها الناس ، ولقد رد الله عليهم ولقنه الجواب : قل : هو أذن خير لا أذن شر كما تعلمون!! فهو لا يقبل مما يسمعه إلا الخير وما وافق الشرع ، ولا يسمع الباطل ، ولا الغيبة ولا النميمة ولا الجدل ولا المراء.
ثم فسر المراد بأذن خير .. بأنه يؤمن بالله وما يوحيه إليه من أخبار الغيب وأسرار السماء ؛ وبما يوحى إليه من أخباركم وأخبار غيركم : ويؤمن للمؤمنين إيمان جنوح وميل وائتمان للمهاجرين والأنصار وصادقي الإيمان ، أما المنافقون فلا يميل لهم ولا يصدق خبرهم ؛ وفي هذا تهديد لهم بأن الله ينبئه بأسرارهم وأخبارهم (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ) [سورة التوبة آية ٦٤].
وهم رحمة للمؤمنين فقد هداهم إلى سعادة الدنيا والآخرة ، وفي قوله : (مِنْكُمْ) إشارة إلى أن منهم من يدعى الإيمان وهو كاذب فيه ، وإشارة إلى أنه عالم أن فيهم المنافقين ، ولكن لحسن خلقه يعاملهم بالحسنى حتى يؤذن بغيرها.
والذين يؤذون رسول الله في كل ما يتعلق بالرسالة كوصفه بالسحر والكذب ، وعدم الفطنة ... إلخ لهم عذاب أليم ، إذ هم كفروا بهذا ، أما الإيذاء الخفيف فيما يتعلق بشخصه فحرام فقط مع أنه لا يصدر من مؤمن أبدا ، وإيذاء أهل بيته حرام كذلك.
إن من عادة المنافقين ، والكاذبين ، ومن يرتكبون جرما أن يشعروا بحرج موقفهم ، وكأن الناس جميعا مطلعون عليهم عالمون بأحوالهم ، ولذلك تراهم يكثرون من الحلف حتى تبتعد عنهم الشبهة المحيطة بهم ، وقد كان المنافقون كثيرا ما يحلفون ، ويعتذرون والله يعلم إنهم لكاذبون!! يحلفون لكم أيها المؤمنون أنهم براء مما نسب إليهم قولا وفعلا ليرضوكم فتطمئنوا لهم وتثقوا فيهم ، وقد فهموا أنهم بهذا يضمونكم لصفوفهم.
فيرد الله عليهم ويكشف سترهم حيث يقول : يحلفون لكم ليرضوكم والحال أن الله ورسوله أحق بالإرضاء من المؤمنين ، وإرضاء الله ورسوله بالإيمان الصادق والعمل الكامل ، والبعد عن النفاق ، وقد أفرد الضمير (أَنْ يُرْضُوهُ) ليعلموا أن رضاء الرسول رضاء الله (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) هذا إن كانوا مؤمنين حقا إذ علامة الإيمان ثقة بالله وحب له ولرسوله ، والعمل على رضاهما بامتثال الأمر واجتناب النهى : «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما