المعنى :
قد تخلف المتخلفون عن رسول الله ، وفرحوا بمقعدهم مخالفين لأمر الله ورسوله ، وكرهوا الجهاد ، بل وثبطوا عنه وخذلوا غيرهم بقولهم : لا تنفروا في الحر؟
فرتب على هذا كله ما هنا من المعاملة القاسية الشديدة ..
فإن رجعك الله وردك من سفرك إلى طائفة وجماعة خاصة من المتخلفين ـ تلك الطائفة هم المنافقون الذين سبق ذكرهم ـ فاستأذنوك للخروج أيا كان نوعه فقل لهم : لن تخرجوا معى أبدا على أى شكل كان وبأى وضع ، ولن تقاتلوا معى عدوا أبدا في المستقبل بأى كيفية كانت!! وذلك لأنكم رضيتم بالقعود أول مرة وتخلفتم بلا عذر وحنثتم في أيمانكم الفاجرة وفرحتم بالقعود بل وثبطتم عن الجهاد .. فاقعدوا مع الخالفين المسيئين الذين لا خير فيهم أبدا. ولن تنالوا شرف الصحبة والجهاد ؛ فهذا شرف رفيع ، ووسام عال ، لا يناله إلا المؤمنون المخلصون.
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا في المستقبل ، ولا تقم على قبره أبدا ، داعيا له ومستغفرا. وقد سبق قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [سورة التوبة آية ٨٠].
نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة على المنافقين ، والقيام على قبورهم وأن يدعو لهم كما كان يفعل إذا مات مؤمن يقول بعد دفنه : «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت ؛ فإنه الآن يسأل» وقد نص الفقهاء على العمل بهذا الحديث.
وهذا يعارض ما نعلمه من أن المنافقين كان النبي صلىاللهعليهوسلم يجرى عليهم أحكام الإسلام العامة ، والجواب كما ظهر لي ـ والله أعلم ـ أن هذه الآيات نزلت في زعماء النفاق وعدم التوبة ، وقد أعلم الله نبيه بهم كما في الحديث ، وأما غيرهم فكان يدعو لهم رجاء التوبة والتوفيق وبعضهم آمن وتاب.
قال الواقديّ : أنبأنا معمر عن الزهري قال : قال حذيفة : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنى مسرّ إليك سرا فلا تذكره لأحد : إنى نهيت أن أصلى على فلان وفلان» رهط ذوى عدد من المنافقين ؛ قال : فلذلك كان عمر إذا أراد أن يصلى على أحد استتبع حذيفة فإن مشى مشى معه وإلا لم يصل عليه ، ولعل الحكمة في خصوص هؤلاء أن الله