والمقصود من الكلمتين في هذا العلم هو الطرق والمناهج العقائدية سواء أكانت حقاً أم باطلاً .
٢ ـ الصلة بين علم العقائد وعلم الملل والنحل
وهناك اتصال وثيق بين علم الكلام وعلم الملل والنحل ، ووزان علم الملل والنحل بالنسبة إلى علم العقائد والكلام ، وزان تاريخ العلم بالنسبة إلى العلم نفسه ، نظير الفلسفة وتاريخها ، فالفلسفة تطرح الموضوعات الفلسفية على بساط البحث ، فتقيم برهاناً على ما تتبناه بينما يشرح تاريخ الفلسفة المناهج الفكرية التي نجمت في فترات مختلفة ، من دون تركيز على رأي أو تبني عقيدة خاصة في كثير من الأحيان .
ومثله علم الكلام بالنسبة إلى الملل والنحل ، فالأول يبحث عن المسائل العقائدية التي ترجع إلى المبدأ والمعاد وما يلحقهما من المباحث ويوجه عنايته إلى إثبات فكرة خاصة في موضوع معين ونقد الآراء المضادة له ، ولكن الثاني يطرح المناهج الكلامية المؤسسة طيلة قرون من دون أن يتحيز إلى منهج دون منهج غالباً ، وهمّه هو عرض هذه الأسس الفكرية على رواد الفكر والمعرفة .
وإن شئت قلت : إن علم الملل والنحل يتعرض للموضوعات الكلامية المبحوث عنها في علم الكلام ويشرحها ويعرض الآراء المختلفة حولها من دون القضاء بينها وأما علم الكلام فهو يتخذ موضوعات خاصة للبحث ويبدي المؤلف نظره الخاص فيها ويركز على رأيه بإقامة البرهان .
٣ ـ قيمة الكتب المؤلفة في هذا المضمار
لا شك أن للكتب المؤلفة في هذا المضمار ، مكانة في الأوساط العلمية وأن المؤلفين في الملل والنحل قد تحملوا جهوداً كثيرة في الإحاطة بالمناهج الفكرية الرائجة في الملأ العلمي خصوصاً الأوائل منهم ، غير أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الكتب بصورة مطلقة وذلك لأنا نرى أنهم يذكرون فرقاً للشيعة الإمامية لم يسمع الدهر بأسمائها كما لم يسمع بآراء أصحابها قط .