النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) : « إن الله اطلع على أهل بدر » إن كان الخبر صحيحاً فكله مشروط بسلامة العاقبة ، ولا يجوز أن يخبر الحكيم مكلفاً غير معصوم ، بأنه لا عقاب فيه فليفعل ما شاء .
٧ ـ من الذي يجتریء على القول بأن أصحاب محمد ( صلی الله عليه وآله وسلم ) لا تجوز البراءة من أحد منهم وإن أساء وعصى بعد قول الله تعالى للذي شرفوا برؤيته : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (١) وبعد قوله : ( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) (٢) وبعد قوله : ( فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) (٣) إلا من لا فهم له ولا نظر معه ولا تمييز عنده .
٨ ـ والعجب من الحشوية وأصحاب الحديث إذ يجادلون في معاصي الأنبياء ويثبتون أنهم عصوا الله تعالى ، وينكرون على من ينكر ذلك ويطعنون فيه ويقولون : قدري ، معتزلي ، وربما قالوا : ملحد مخالف لنص الكتاب ، وقد رأينا منهم الواحد والمائة والألف يجادل في هذا الباب ، فتارة يقولون : إن يوسف قعد من امرأة العزيز مقعد الرجل من المرأة ، وتارة يقولون : إن داود قتل أوريا لينكح امرأته ، وتارة يقولون : إن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) كان كافراً ضالاً قبل النبوة وربما ذكروا زينب بنت جحش وقصة الفداء يوم بدر ، فأما قدحهم في آدم ( عليه السلام ) وإثباتهم معصيته ومناظرتهم من ينكر ذلك ، فهو رأيهم وديدنهم ، فإذا تكلم واحد في عمرو بن العاص ومعاوية ، وأمثالهما ونسبهم إلى المعصية وفعل القبيح احمرت وجوههم ، وطالت أعناقهم وتخازرت أعينهم ، وقالوا : مبتدع رافضي ، يسب الصحابة ويشتم السلف ، فإن قالوا إنما اتبعنا في ذكر معاصي الأنبياء نصوص الكتاب قيل لهم : فاتبعوا في البراءة من جميع العصاة نصوص الكتاب فإنه تعالى قال : ( لَّا تَجِدُ
____________________
(١) سورة الزمر : الآية ٦٥ .
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٥ .
(٣) سورة ص : الآية ٢٦ .