يوسف السمني فوضع لهم القول بتكليف ما لا يطاق وأخذ هذا القول عن ضرير (١) وكان بواسط زنديقاً نبوياً (٢) وقال جهم : « إنه لا فعل للعبد . وتبعه ضرار في المعنى ، وإن أضاف الفعل إلى العبد وجعله كسباً له وفعلاً وإن كان خلقاً لله عنده » (٣) .
الرسائل الثلاث
إن الأمة الإسلامية في النصف الثاني من القرن الأول ومجموع القرنين التاليين كانت تعيش في مأزق حرج بالنسبة إلى العقائد الإسلامية عامة ، والجبر والاختيار خاصة ، إذ لم تكن العقيدة الإسلامية مدونة ولا مضبوطة ، وتكفينا في البرهنة على ذلك الرسائل الثلاث التي تعد من أقدم الوثائق التاريخية في مسائل علم الكلام :
الرسالة الأولى ـ الرسالة المنسوبة إلى الحسن بن محمد بن الحنفية ( م حوالي ١٠٠ ) حفيد الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ويستظهر أنها كتبت بإيحاء من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ( م ٨٦ هـ ) وأن تاريخ تأليفها يرجع إلى سنة ٧٣ هجري (٤) .
الرسالة الثانية ـ ما كتبه الحسن البصري ( م ١١٠ ) إلى الخليفة نفسه والرسالتان تقعان على جانبي النقيض فالأولى تمثل فكرة الجبر لكن بصورة ملائمة ، والأخرى تبين عقيدة الاختيار والحرية .
الرسالة الثالثة ـ رسالة الخليفة عمر بن عبد العزيز رداً على قدري مجهول
____________________
(١) كلمة ضرير وصف لا علم .
(٢) كذا في المصدر ويحتمل أن تكون الكلمة تحريف : « ثنوياً » .
(٣) المغني للقاضي عبد الجبار : ج ٨ ص ٤ .
(٤) ترجمه ابن سعد في الطبقات الكبرى وقال : يكنى أبا محمد وكان من ظرفاء بني هاشم وأهل العقل منهم وكان يقدم على أخيه أبي هاشم في الفضل والهيئة توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز ولم يكن له عقب ( الطبقات الكبرى ج ٥ ص ٣٢٨ ) .