«لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلّم قراءة الرجل ، والمعلم يعلّم قراءة الرجل ، فجعل الغلمان يلتقون ويختلفون ، حتى ارتفع ذلك الى المعلمين ، حتى كفر بعضهم بقراءة بعض ، فبلغ ذلك عثمان فقام خطيبا. فقال : أنتم عندي تختلفون وتلحنون ، فمن نأى عني من الأمصار أشدّ اختلافا ، وأشد لحنا ، فاجتمعوا يا أصحاب محمد فاكتبوا للناس إماما ، قال أبو قلابة : فحدثني مالك ابن أنس ، قال أبو بكر بن أبي داود : هذا مالك بن انس جد مالك بن أنس. قال : كنت فيمن أملى عليهم فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولعله أن يكون غائبا أو في بعض البوادي ، فيكتبون ما قبلها وما بعدها ، ويدعون موضعها حتى يجيء أو يرسل اليه ، فلما فرغ من المصحف كتب إلى أهل الأمصار أني قد صنعت كذا وصنعت كذا ، ومحوت ما عندي ، فامحوا ما عندكم».
١٥ ـ وروى مصعب بن سعد. قال :
«قام عثمان يخطب الناس. فقال : أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن ، تقولون قراءة أبيّ ، وقراءة عبد الله ، يقول الرجل والله ما تقيم قراءتك ، فاعزم على كل رجل منكم كان معه من كتاب الله شىء لما جاء به ، فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن ، حتى جمع من ذلك كثرة ، ثم دخل عثمان ودعاهم رجلا رجلا ، فناشدهم لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو أمّله عليك فيقول : نعم ، فلما فرغ من ذلك عثمان. قال : من أكتب الناس؟ قالوا : كاتب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم زيد بن ثابت. قال : فأيّ الناس أعرب؟ قالوا سعيد بن العاص. قال عثمان : فليمل سعيد ، وليكتب زيد ، فكتب زيد ، وكتب مصاحف ففرقها في الناس ، فسمعت بعض أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : قد أحسن».