حاصلان حينئذ قهرا ، فلا مقتضي للنهي الفعلي عنه ، وهذا معنى ما أفاده الشيخ رحمهالله في رسائله من قوله : «والمعيار في الابتلاء وعدمه صحة التكليف بذلك عند العرف وعدم صحته» ، ومراد صاحب الكفاية رحمهالله من قوله : «إن الملاك في الابتلاء المصحح لفعلية الزجر هو ما إذا صحّ انقداح الداعي إلى فعله في نفس العبد» فالأصوليون قد سموا ترقب حصول الفعل من المكلف الابتلاء وعدم ترقبه عدم الابتلاء.
تنبيهان :
الأول : إذا شككنا في كون متعلق التكليف داخلا في محل الابتلاء أو خارجا عنه ، كما إذا كان الإناء النجس في ملك زيد وتحت سلطنته لا يبيعه ولا يهبه ، فشككنا في كونه عند العرف معدودا من محل الابتلاء بالنسبة إلينا ليكون حكمه منجزا أم ليس بمحل الابتلاء فلا يكون بمنجز ففيه قولان :
أحدهما : الحكم بفعلية التكليف فيه بتقريب أن المورد من قبيل الشبهة المفهومية للمخصص ، أو أن المخصص فيه لبي والحكم فيها الرجوع إلى العموم أو الإطلاق ، فقوله اجتنب عن الخمر مثلا مطلق والحاكم بعدم فعلية ذلك التكليف في الخمر الخارجة عن محل الابتلاء هو العقل وهو دليل لبي يقتصر في تخصيصه على المتيقن ، أو أنه وإن فرضنا كون المخصص لفظيا فخرج به عنوان غير المبتلى به عن إطلاق وجوب الاجتناب إلا أن مفهوم الابتلاء مجمل عند العرف يشك في تحققه في المورد فاللازم أيضا التمسك بالمطلق.
ثانيهما : الحكم بعدم الفعلية وإجراء أصالة البراءة في المورد إما لأن مفهوم الابتلاء معلوم والشك إنما هو في تحقق مصداقه فالشبهة مصداقية حكمها الرجوع إلى الأصول ، وإما لأن جواز التمسك بالإطلاق إنما هو في موارد الشك في تقييد متعلق التكليف ، كما إذا شككنا في أن الرقبة المأمور بها مقيدة بالإيمان أم لا ، لا فيما شك في قيود نفس التكليف وفعليته كما في المقام فإن كون المتعلق محلا للابتلاء شرط عقلي لفعلية التكليف وتنجزه فالشك في الابتلاء شك في فعلية التكليف والأصل فيه البراءة.