الثالث : المتواتر الإجمالي وهو إخبار الناقلين بألفاظ مختلفة متفاوتة في سعة الدلالة وضيقها مع حصول العلم الإجمالي بصدور بعض تلك الألفاظ كما إذا روى البعض أن خبر المؤمن حجة وروى الآخر أن خبر الثقة حجة وروى الثالث أن خبر العدل حجة والحكم حينئذ لزوم الأخذ بالخبر الأخص مضمونا.
ومنها : الصحيح وهو ما كان أفراد سلسلة سنده كلهم إماميين ممدوحين بالتعديل ، وقد يطلق الصحيح منسوبا إلى راو معين فيقال صحيح ابن أبي عمير مثلا فيراد منه كون السند صحيحا إلى ذلك الرجل ، وقد يقال روى الشيخ مثلا في الصحيح عن ابن بكير فيراد كون الوسائط المحذوفة بين الشيخ وابن بكير رجالا ثقات حذفوا للاختصار هذا عند المتأخرين وأما عند القدماء فالصحيح كل حديث قابل للاعتماد عليه فيعم الحسن والموثق كما سيجيء.
ومنها : الحسن وهو ما كان جميع رواة السند إماميين غير معدلين كلا أو بعضا.
ومنها : الموثق وهو ما كانت السلسلة غير إماميين كلا أو بعضا مع توثيق الجميع ويسمى هذا قويا أيضا.
الثالث : لا إشكال في حجية التواتر من تلك الأقسام وأما البواقي ففيها اختلاف بين الأعلام وإن كان الأمر في بعضها أسهل من بعض.
فاستدل القائلون بالحجية في الصحيح والموثق بأمور :
الأول : قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ) إلخ.
حيث أوجب الله الإنذار للمتفقه ، وطلب من الفرقة الحذر العملي من بعد الإنذار ولا يحصل العلم بطبع الحال من إنذار واحد أو اثنين فلو لا الحجية لما صح حذرهم عملا بترتيب أحكام الواقع على المنذر به.
الثاني : الروايات المتكثرة الواردة في الأبواب المختلفة فمنها ما ورد في الخبرين المتعارضين فأوجب مولانا الصادق «عليهالسلام» في مقبولة ابن حنظلة : «الأخذ بما يقوله الأعدل والأصدق وما هو المشهور» ونحوها ، وقال ابن أبي جهم للرضا «عليهالسلام» : «يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق ، قال «عليهالسلام» إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت» ، فلو لا الحجية لما تعارضا ولما كان الترجيح بينهما