بيانه أن اللفظ الدال على الاستيعاب إن دل على شمول المفهوم للأفراد بنحو البدل كان الشمول بدليا وأطلق عليه العام البدلي ، كقولك أكرم أيّ رجل شئت وسافر أيّ يوم أردت فكلمة أيّ وما يؤدي معناها من أدوات العموم البدلي.
وإن دل على شموله دفعة وبنحو الاستيعاب كان الشمول استيعابيا وحينئذ إن قصد في الكلام ترتب الحكم الكلامي على كل فرد من أفراد المفهوم مستقلا سمي ذلك «عاما استغراقيا» كما لو ورد أكرم كل عالم مع كون الفرض إنشاء وجوب مستقل لكل فرد وإن قصد ترتب حكم واحد على الجميع سمي العام مجموعيا.
فظهر مما ذكرنا أن انقسام العام إلى البدلي والاستيعابي انقسام وضعي نشأ من وضع اللفظ للمعاني المختلفة ولذلك صارت ألفاظهما أيضا مختلفة ، وانقسام الاستيعابي إلى الاستغراقي والمجموعي انقسام بلحاظ الحكم المرتب عليه ويشهد لذلك اتحاد ألفاظهما وجواز استعمال كل واحد منها في موضع الآخر.
تنبيه :
الفرق بين الأقسام في هذا التقسيم واضح إذ في الحكم المرتب على العام البدلي يتحقق الامتثال بالإتيان ولو في ضمن فرد واحد ويحصل الغرض ويسقط الأمر بخلاف الاستيعابي ، وأما الفرق بين الاستغراقي والمجموعي فهو أن في الأول يكون الحكم متعددا بتعدد الأفراد ولكل واحد منها إطاعة مستقلة وعصيان مستقل ، فأي فرد من العلماء أكرمه المكلف في المثال السابق استحق ثوابه وأي فرد لم يكرمه استحق عقابه ولا ارتباط بينهما ، وفي الثاني يكون الحكم واحدا بحيث لو أكرم الجميع حصل امتثال واحد ولو ترك إكرام واحد حصل عصيان الأمر بالكلية.
ومنها : تقسيمه إلى العام الأفرادي والعام الأزماني.
فالأول : عبارة عن شمول المفهوم وسريانه بحسب الأفراد.
والثاني : عبارة عن شموله وسريانه بحسب الأزمان بمعنى لحاظ استمرار المفهوم وبقائه في عمود الزمان.