ومن النقل قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) والوسع هو الطاقة وصحيحة هشام ... «الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون».
وخبر الاحتجاج ... «وذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف خلقا فوق طاقتهم».
وأما القسم الثالث فالذي يستفاد من الكتاب والسنة واستقر عليه كلمات الأصحاب رضي الله عنهم كون تعلق التكليف الإلزامي بالفعل الذي فيه عسر وحرج منفيا في هذه الشريعة ، وسموا هذا الحكم الكلي بقاعدة نفي الحرج أو نفي العسر ، فلهذه القاعدة موضوع ومحمول ، موضوعها كل فعل أو ترك فيه حرج وشدة على المكلف ، ومحمولها نفي حكمه الإلزامي والإخبار عن عدم تعلق ذلك به في الشريعة ، أو رفع نفس الموضوع الحرجي ادعاء وتنزيلا بلحاظ نفي حكمه.
فالغسل في شدة البرد والقيام للصلاة والصيام في شهر رمضان بالنسبة إلى المريض والهرم ونحو ذلك ، أفعال حرجية رفع حكمها في هذه الشريعة بأدلة نفي العسر والحرج.
تنبيهات :
الأول : استدل القوم على هذه القاعدة بأدلة ، فمن الآيات قوله تعالى نقلا لمسألة النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ليلة المعراج : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) والأصر الأمر الشديد العسر.
وقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
وقوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ).
وقوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
ومن الأخبار قوله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» في حديث الرفع : «رفع عن أمتي الخطاء والنسيان. وما لا يطيقون» إلى آخره.
ورواية عبد الأعلى فيمن وضع على إصبعه مرارة قال : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ) إلى آخره» امسح على المرارة.
والحديث المشهور : «بعثت بالشريعة السمحة السهلة» وغير ذلك.