بيانه أن الشيء يتصور له جوانب أربعة : اللازم والملزوم والملازم والمقارن ، فحياة زيد ملزوم وتنفسه وتغذيه وتلبسه ونبات لحيته لوازم عقلية وعادية والتنفس بالنسبة إلى نبات اللحية ملازم ، وفيما لو حصل العلم الإجمالي بموت زيد وعمرو فموت كل منهما بالقياس إلى حياة الآخر مقارن ، ثم إنه لا إشكال في أن القطع بالشيء مستلزم للقطع بتحقق جميع لوازمه ، فحينئذ إذا كانت تلك الجوانب لها آثار شرعية فلا إشكال في لزوم ترتيب آثارها عند القطع بأصل الشيء لأن الجوانب أيضا تكون محرزة بالوجدان كنفس الشيء.
وأما لو لم يحصل القطع وكان حياة زيد مثلا مشكوكة فمن الواضح أن الجوانب أيضا تكون مشكوكة بالوجدان ، إذ كما أن القطع بالملزوم مستلزم للقطع باللازم فكذلك الشك فيه مستلزم للشك فيه ، فإذا فرضنا قيام أمارة معتبرة على الشيء كإخبار البينة عن حياة زيد فلا إشكال في لزوم ترتيب آثار نفس الحياة من حرمة التصرف في ماله وحرمة تزويج زوجته ووجوب الإنفاق عليه فإنه معنى تصديق البينة في إخبارها ، وأما الآثار الشرعية المترتبة على الجوانب كما إذا كان ناذرا للتصدق بدرهم لو كان زيد متنفسا وبدينار لو كان متلبسا أو إذا نبت له لحية فالظاهر أيضا وجوب ترتيب تلك الآثار بمجرد قيام البينة على حياة زيد إذ لا إشكال في أن إخبار العادل بالحياة كما أنه حاك عن نفس الحياة بالمطابقة حاك عن الجوانب بالملازمة والشارع كما أمر بالعمل على ما حكي عنه بالمطابقة أمر بالعمل على ما حكي عنه بالملازمة فيجب ترتيب آثار الجميع وهذا معنى ما يقال إن مثبتات الأمارة حجة ، ومرادهم أن الأمارة تثبت لوازم ما أدى إليه أيضا وجوانبه فيجب ترتيب آثارها.
هذا حال الأمارات وأما الأصول العملية الجارية في الموضوع عند عدم الأمارة كاستصحاب حياة زيد مثلا فهل يثبت بها نفس الحياة ويجب ترتيب آثارها فقط أو يثبت بها آثار المستصحب وآثار جوانبه كالأمارة وجهان بل قولان :
أشهرهما أنه لا يثبت به إلا آثار نفسها وأما آثار الجوانب كما عرفت فلا تكاد تترتب بإجراء الاستصحاب في نفس الحياة ، فلو أريد إثبات تلك الآثار فلا بد من إجراء استصحاب آخر بالنسبة إلى كل من الجوانب لو كان لها حالة سابقة وجودية ،