وترك الاحتياط في الطرف الآخر وسمي ذلك بالانحلال الحكمي لأنه في حكم الانحلال الحقيقي في جواز أخذ مؤديه وطرح الآخر بلا ترتب عقاب على المكلف ولو كان الدليل مخطئا عن الواقع.
تنبيه :
العلم التفصيلي الطاري بعد العلم الإجمالي يتصور على صور بعضها موجب للانحلال قطعا وبعضها غير موجب له على المشهور وبعضها مختلف فيه.
فالأول : هو ما لو علم انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل كما إذا علم تفصيلا بأن المغصوب الموجود في البين هو ما في هذا الإناء دون ذاك.
والثاني : ما إذا كان المعلوم بالتفصيل تكليفا حادثا أو عنوانا آخر غير عنوان المعلوم بالإجمال كما إذا علم إجمالا بغصبية أحد الإناءين ثم وقع قطرة من البول في أحدهما المعين أو علم إجمالا بالغصبية ثم علم تفصيلا بكون هذا الإناء نجسا من أول الأمر وإن احتمل الانطباق في كلتا الصورتين.
والثالث : ما إذا احتمل وحدة التكليف واتحاد العنوانين كما إذا علم إجمالا بخمرية أحد الإناءين ثم علم بنجاسة أحدهما المعين مع احتمال أن يكون نجاسته لكونه هو الخمر ، أو علم إجمالا بنجاسة أحدهما ثم علم تفصيلا بأن هذا الإناء خمر ، أو علم بحرمة أحدهما إجمالا ثم علم بحرمة هذا ولم يعلم وجه الحرمة في متعلق العلمين ، ففي المثال الأول عنوان المعلوم بالإجمال معلوم دون عنوان المعلوم بالتفصيل وفي الثاني الأمر بالعكس وفي الثالث كلا العنوانين مجهولان ، وفي هذه الموارد وقع الإشكال والاختلاف في الانحلال وعدمه فراجع المطولات.
ومنها : مورد انحلال الحكم التكليفي المنشإ بإنشاء واحد إلى أحكام كثيرة مستقلة فإذا قال المولى أكرم كل عالم ، فالإنشاء في هذا الكلام وإن كان واحدا إلّا أنه ينحل لدى العقل والعرف إلى إنشاءات كثيرة وأحكام مستقلة شتى بعدد أفراد الموضوع ومصاديقه ، فكأن المولى أنشأ لإكرام كل فرد وجوبا مستقلا بإنشاء مستقل فلكل منها