وإرادته ويطلق عليه القبح الفاعلي ، وعلى الثاني يكون من أجل سوء عمله الخارجي ويطلق عليه القبح الفعلي ، وفي استلزام القبح العقلي فعليا كان أو فاعليا للحرمة الشرعية كلام سيجيء التعرض له.
تنبيهان :
الأول : يقع الكلام تارة في قبح التجري عقلا وأخرى في حرمته شرعا وثالثة في سببيته لاستحقاق العقوبة ، وعلى التقادير إما أن نقول بانطباق عنوان التجري على القصد والإرادة وإما بانطباقه على الفعل المتجرى به.
وحينئذ نقول إن للأصوليين هاهنا أقوالا :
منها : القول بانطباق عنوان التجري على الإرادة وسببيته لاستحقاق العقاب مع عدم قبحه عقلا وعدم حرمته شرعا ، وهذا هو مختار صاحب الكفاية رحمهالله على ما يظهر من كلامه فذهب إلى أن الإرادة المستتبعة لفعل ما يعتقد كونه معصية لا تكون قبيحا عقلا ولا حراما شرعا ، فإنهما من عوارض الأمر الاختياري والإرادة ليست اختيارية ، والاستحقاق معلول للبعد عن المولى الحاصل بتلك الإرادة.
وأما الفعل الخارجي كشرب الماء المقطوع بخمريته فهو باق على ما هو عليه من الأحوال والأحكام ولم ينطبق عليه عنوان يجعله قبيحا أو حراما.
ومنها : القول بانطباقه على الإرادة وقبحه عقلا مع عدم حرمته وعدم العقاب عليه شرعا وذلك لأجل أن النية والقبح الفاعلي لا تكون حراما ولا توجب استحقاق العقاب ، وأن كان قبيحا عقلا ، والملازمة بين القبح العقلي والحرمة الشرعية على القول بها إنما هي في القبح الفعلي الذي هو مجرى قاعدة الملازمة لا الفاعلي كما فيما نحن فيه ، وهذا أيضا مع بقاء الفعل المتجرى به على ما هو عليه وعدم انطباق عنوان عليه يغيره وهذا هو مختار الشيخ رحمهالله في رسائله.
ومنها : القول بانطباق التجري على الفعل الخارجي وقبحه عقلا وسببيته لاستحقاق العقاب مع عدم حرمته شرعا فإن القبح والاستحقاق العقليين لا يستلزمان