الحرمة الشرعية فهما حينئذ مترتبان على عنوان هتك حرمة المولى والإهانة له وطغيان العبد وخروجه عن زيّ الرقيّة ، وكل تلك العناوين تنطبق على الفعل المتجرى به فيكون قبيحا عقلا وسببا لاستحقاق العقاب.
بل العلة التامة للاستحقاق حتى في المعصية الحقيقية إنما هي تلك العناوين لا تفويت المصلحة الواقعية بترك الواجب أو الوقوع في المفسدة الواقعية بفعل الحرام ، ولا مخالفة الأمر والنهي الواقعيين ، فإنهما يتحققان كثيرا في موارد الخطاء والنسيان والجهل القصوري مع عدم العقاب حينئذ قطعا ، وبالجملة ما يمكن أن يكون علة للعقاب أمور ثلاثة :
الأول : تفويت المصلحة أو الوقوع في المفسدة.
الثاني : مخالفة الأمر أو النهي.
الثالث : هتك حرمة المولى والطغيان عليه ، والأظهر لدى التأمل هو الثالث وهو موجود في صورة التجري أيضا كالمعصية الحقيقية وهذا القول قوي.
الثاني : أن هنا عنوانا آخر يسمى بالانقياد يضاهي التجري ويماثله ، وهو الفعل أو الترك لما يقطع أو يتخيل كونه طاعة للمولى ومطلوبا له مع عدم كونه في الواقع كذلك ، ويقابله الطاعة الحقيقية وهو الإقدام على طاعة المولى فيما صادف الواقع.
والبحث في الانقياد نظير البحث في التجري ، في أنه هل هو عنوان ينطبق على القصد أو على الفعل الخارجي ، وأنه هل يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا وسببا لاستحقاق المثوبة أم لا. والحاصل أنهما متماثلان توأمان مرتضعان من أم واحدة بلبن واحد.