الناس فمن اعتقد الامتناع امتنع في حقه ومن اعتقد الجواز جاز.
وكذا الكلام في الموضوعات سواء كانت عرفية محضة أو شرعية مستنبطة فإنه لا يعرف القائل بالتصويب فيها ، فلكل موضوع كالغني والفقير والبيع والإجارة والكر والقليل بل والطهارة والنجاسة واقع محفوظ يصيبه الطريق تارة ويخطئه أخرى لا أن البيع مثلا عند المعتقد بيعيته بيع وعند الجاهل ليس ببيع.
وأما الأحكام الشرعية فقد وقع الاختلاف فيها على أقوال : الأول : التصويب مطلقا في صورة العلم بالواقع وقيام الأمارات عليه ، الثاني : التخطئة كذلك ، الثالث : التفصيل بين العلم والأمارات بالقول بالتخطئة في الأول وأما الثاني فبالنسبة إلى الحكم الواقعي الإنشائي القول بالتخطئة أيضا وبالنسبة إلى الظاهري الفعلي القول بالتصويب.
ومنشأ القولين الأخيرين هو الاختلاف في أن حجية الأمارة هل هي بنحو الطريقية أو السببية ، فمن قال بالأول ذهب إلى القول الثاني ومن قال بالثاني ذهب إلى القول الثالث.
مثلا إذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة وأمر الشارع بتصديقه فبناء على الطريقية يكون أمره بتصديقه عبارة عن جعل قوله طريقا إلى الواقع من دون جعل حكم آخر في قبال الواقع وهذا الطريق قد يكون مصيبا منجزا للواقع وقد يكون مخطئا معذّرا عن تركه فلنا واقع ثابت أصبناه تارة وأخطأناه أخرى.
وأما بناء على السببية يكون مفاد وجوب التصديق هو جعل حكم نفسي على طبق إخباره صادف قوله الواقع أو خالفه ويرجع الواقع إلى المرتبة الإنشائية فهذا الطريق بالقياس إلى الواقعي الإنشائي وإن كان يلاحظ فيه الخطاء والصواب إلّا أنه بالقياس إلى الفعل الظاهري لا معنى له بل ذلك الحكم تابع لقيامه وهذا ما قالوا من التخطئة والتصويب الإضافيين.
تنبيهات :
أولها : أن مراد القائلين بالتصويب مطلقا يتصور على أقسام :