لذا قيده في موضع من المنتهى بالفاحش ، واختاره جماعة ممن تأخر عنه منهم المحقق الثاني في جامعه والشهيد الثاني في روضه والفاضل الهندي في كشفه ، واليه يرجع ما عن جماعة أخرى من التقييد بما لا يتحمل عادة ، بل في الكفاية أنه نقل بعضهم الاتفاق على أن الشين إذا لم يغير الخلقة ويشوهها لم يجز التيمم.
فالأقوى الاقتصار على الشديد منه الذي يعسر تحمله عادة من غير فرق فيه حينئذ بين خوف حصوله أو زيادته أو بطء برئه كالمرض ، بل لعله داخل فيه حينئذ ، وكذا التألم منه خاصة وإن أمن العاقية بناء على ما تقدم سابقا في المرض ، والمراد بالشين على ما صرح به جماعة من الأصحاب ما يعلو البشرة من الخشونة المشوهة للخلقة من استعمال الماء في البرد ، وقد يصل إلى تشقق الجلد وخروج الدم ، ويختلف شدة وضعفا باختلاف البلدان والأبدان ، والمدار في تحقق الخوف على نحو ما تقدم في المرض.
وكذا يتيمم لو كان معه ماء للشرب وخاف العطش على نفسه ان استعمله في الحال أو المآل إجماعا محصلا ومنقولا عن علمائنا ، بل وعن كل من يحفظ عنه العلم مستفيضا وسنة (١) بالخصوص كذلك فضلا عن عمومها وعمومات الكتاب ، وعلى رفيقه المسلم المحترم الدم ، سيما إذا كان ممن تجب نفقته عليه بلا خلاف أجده فيه أيضا ، لأهمية حفظ النفس في نظر الشارع بدليل تقديمه على غيره من الواجبات كقطع الصلاة لانقاذها وغيره مما لا بدل له ، فضلا عما له بدل مساو له في الطهورية ، بل وعلى رفيقه المضر به تلفه أو ضعفه وان لم يكن محترما كالحربي وغيره ، وكذا الحيوان إذا كان كذلك وإن كان كلبا ، لفحوى ما تقدم سابقا من الانتقال الى التيمم عند خوف الضرر عليه باستعماله أو طلبه ان لم نقل باندراج ذلك كله أو بعضه في قول الصادق عليهالسلام
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب التيمم.