ومن ذلك كله ذهب جماعة إلى التفصيل بين الرجاء وعدمه ، فيؤخر مع الأول دون الثاني ، وهو المحكي عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل ، واختاره جماعة من المتأخرين ، بل في جامع المقاصد عليه أكثرهم ، وفي الروضة أنه الأشهر بينهم ، جمعا بين أدلة الطرفين سيما بعد ظهور أخبار التضيق في صورة الرجاء كما عرفت ، وبعد ما سمعت من البعد فيه مع عدم الرجاء ، كالبعد في التوسعة مع الرجاء ، سيما لو كان ظنا ، بل لعل السيرة على خلافه ، إذ هو مكلف بالمائية ، ولذا وجب عليه الطلب وغيره ، ولا ينتقل عنها إلا بالعجز ، وليس إلا بالضيق ، بل لعله المنساق إلى الذهن مما كان كذلك من التكاليف ، بل يعد العبد عاصيا عرفا لو فعل قبل ذلك.
ومنه ينقدح جريان ذلك فيه على القاعدة ، فيجري حينئذ في غير محل البحث من ذوي الاعذار ، ومنه الانتقال إلى مراتب التيمم ، فلا يتيمم بالغبار إلا أن يضيق الوقت أو ييأس منه ، وكذا الوحل ، مضافا الى إمكان المناقشة في جميع ما دل على التوسعة بالنسبة إلى صورة الرجاء بما لا يخفى ، والى ما في إطلاق التوسعة من التهجم على طرح تلك الأدلة من الإجماعات وغيرها بلا معارض يقاومها في ذلك ، فضلا عن أن يقوى عليها ، مع ندرة القائل بها ، وإلى ما في القول بالتفصيل من الجمع أيضا بين ما دل على الإعادة مع وجدان الماء في الوقت وعلى عدمها كذلك ، الى غير ذلك مما يطول التعرض لذكره مما لا يخفى على ذي مسكة ومن أحاط بما تقدم.
وهو قوي متين إلا أن سابقه أقوى منه في النظر ، إذ لو سلم اقتضاء القاعدة الانتظار في مثله مع إمكان المنع بظهور التكليف في الصلاة في كل جزء جزء من الزمان ، فيتبع حال المكلف حينئذ فيه حتى لو علم زوال العذر في ثاني الأوقات إلا أن الإجماع وغيره أخرجه عن بعض الاقسام ، ويجب الخروج عنها هنا بما سمعته من الأدلة ، كعموم المنزلة وظاهر الآية وأخبار عدم الإعادة وغيرها مما يبعد تنزيلها على ذلك ، سيما الأخيرة التي هي العمدة في أدلة التوسعة ، لما فيها من ترك الاستفصال ، مع قيام