لا غيره من الكائن في اللحم ونحوه مما لم يكن من شأنه أن يقذف ، نعم هو يتنجس باختلاطه معه ، كما انه يتنجس بمباشرة آلة المسفوح أو يد الذابح قبل غسلهما مثلا.
والمراد بالذبيحة في معقد الإجماعات مطلق المذكاة تذكية شرعية قطعا من غير فرق بين الذبح والنحر وغيرهما ، بل لا يبعد إلحاق ما حكم الشارع بتذكيته بذكاة أمه ، فيعفى حينئذ عن جميع ما فيه من الدم على إشكال ، نعم لو فقد بعض ما يعتبر في التذكية شرعا من إسلام وبلوغ ونحوهما دخلت في الميتة ، ونجس سائر دمها ، لعموم الأدلة ، إذ ليس المدار على مجرد خروج الدم المسفوح ، كما هو واضح.
هذا كله فيما يعتاد تذكيته من مأكول اللحم ، ونحوه ما لم يعتد منه على الظاهر ، أما ما يذكى من غير المأكول ففي البحار وشرح الخوانساري والحدائق وشرح الأستاذ للمفاتيح أن ظاهر الأصحاب نجاسة دمه مطلقا كما عن الذخيرة وموضعين من الكفاية ، وكأنهم أخذوه من إطلاق الأصحاب نجاسة دم ذي النفس مع تنزيل ما استثنوه من دم الذبيحة على المتبادر منها ، وهو المأكول ، بل مطاوي كلماتهم كالصريحة بذلك ، فيبقى حينئذ ما دل على النجاسة لا معارض له.
قلت : إن تم إجماعا كان هو الحجة ، وإلا كان للنظر فيه مجال ، لظهور مساواة التذكية فيه لها في المأكول بالنسبة إلى سائر أحكامها عدا حرمة الأكل ، ولفحوى ما دل على طهارته بالتذكية ، بل لعل ذلك شامل لجميع أجزائه التي منها الدم عدا ما خرج ، وللعسر والحرج في التحرز عنه إذا أريد أخذ جلده أو الانتفاع بلحمه في غير الأكل ، بل لا يمكن استخلاص اللحم منه القاضي بعدم الفائدة للحكم بطهارته.
ولعله لذا حكى في المعالم انه تردد في حكمه بعض من عاصرناه من مشايخنا ، وان كان ما حكى عنه من منشأ التردد ضعيفا ، حيث جعله من إطلاق الأصحاب الحكم بنجاسة دم ذي النفس ، ومن ظاهر قوله تعالى ( أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ) لاقتضائه حلية