عنه عليهالسلام (١) أيضا بعد أن سأله عن إنفحة الميتة وغيرها ، فقال : « كل هذا ذكي » وكصحيح أبيه أيضا (٢) عن الصادق عليهالسلام قال : « سألته عن الانفحة تخرج من الجدي الميت قال : لا بأس به » الحديث.
إنما الإشكال في المراد بالانفحة فعن القاموس والتهذيب والمغرب أنها شيء أصفر يستخرج من بطن الجدي الرضيع ، فيعصر في صوفة مبتلة فيغلظ كالجبن ، واليه يرجع ما في القواعد وعن النهاية وكشف الالتباس من انها لبن مستحيل في جوف السخلة ، بل في كشف اللثام ان ذلك هو المعروف ، وقد يشهد له خبر الثمالي المتقدم ، واختاره الخوانساري في شرح الدروس معللا له بأنه يظهر من الروايات ان الإنفحة شيء يصنع به الجبن ، والظاهر ان الجبن انما يعمل من الشيء الذي في جوف السخلة مثل اللبن ، لا من كرشها الذي هو للحيوان بمنزلة المعدة من الإنسان ، وقيل كما عن الصحاح والجمهرة وأبي زيد انها كرش الحمل والجدي ما لم يأكل ، فإذا أكل فهو كرش ، وبذلك فسرت في السرائر كما عن أطعمة المسالك والتنقيح.
وربما يومي اليه عدم عدهم لها مما لا تحله الحياة ، وفي المدارك ان الأول أولى اقتصارا على موضع الوفاق وان كان طهارة نفس الكرش أيضا غير بعيد ، تمسكا بمقتضى الأصل ، وفيه انه لا وفاق بعد تقابل التفسيرين ، اللهم إلا أن يكون الأول لازما للحكم بطهارة الثاني لكون محله الكرش حينئذ ، وفيه تأمل ، كما ان في تمسكه بالأصل في طهارة الكرش وان فسرت الانفحة بغيره أيضا تأملا ، لانقطاعه بما دل على نجاسة الميتة إلا أن يكون مما لا تحله الحياة ، وفيه منع.
وقد يقوى في النظر اتحاد التفسيرين بأن يراد بالشيء الأصفر في التفسير الأول
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٩.