التارك وأمره بالاستغفار ونهيه عن العود ، مع اشتمالها على استثناء الخوف والرخصة للعليل ونحوها مما يفيد ذلك ويؤكده ، إلا أنها ـ مع عدم اعتبار سند بعضها والجابر مفقود بل الموهن موجود ـ لا تصلح لمعارضة ما قدمناه لوجوه كثيرة لا تخفى ، وكيف والأخبار متى كانت صريحة صحيحة وأعرض الأصحاب عنها لا يسوغ العمل بها فضلا عما لو وجد لها معارض أقوى منها ، فوجب حينئذ طرح ما لا يقبل التأويل منها لو كان ، وتأويل غيره بإرادة الثبوت والمبالغة والتأكيد لاستحبابه سيما بعد إطلاق لفظ الوجوب ونحوه على المعلوم استحبابه من الأغسال ، كغسل عرفة والزيارة ودخول البيت والمباهلة والاستسقاء ، وفي بعضها ان غسل دخول الحرم واجب ، ويستحب أن لا يدخله إلا بغسل ، وهو كالمفسر للوجوب فيه وفي غيره إلى غير ذلك من القرائن فيها الدالة على إرادة الندب من الوجوب ونحوه.
وقد تجاوز بعض المتأخرين فأنكر كون لفظ الوجوب حقيقة فيما عندنا في السابق ، ولا ريب في ضعفه سيما بالنسبة إلى زمن الأئمة عليهمالسلام ، فالأولى حينئذ ما ذكرنا فيه وكذا غيره من الأمر بالاستغفار ونحوه مما تقدم عند تركه من إرادة الحث والترغيب والمبالغة حتى يداوم على مثل هذه السنة ، وقد ورد أشد من ذلك من الحث على المندوبات بل لعل التتبع يشهد أن كل ما زيد فيه من المبالغة في فعله وتركه كان إلى الاستحباب أقرب منه إلى الوجوب.
نعم قد يظهر من هذه الأخبار وغيرها ان تركه مكروه ، بل كراهة شديدة وإن لم ينص عليه أحد في كتب الفروع فيما أجد ، للنهي عن الترك فيها والأمر بالاستغفار عنده ، والتفسيق بسببه أيضا ، بل لعل أخبار الوجوب تكفي في إثبات الكراهة للترك ، لكونه أقرب المجازات عند انتفاء الحقيقة ، فالذي ينبغي حينئذ أن لا يترك لذلك لا لما ذكره بعض متأخري المتأخرين من قوة القول بالوجوب ، لما