كالمرض ونحوه ، فقضية القاعدة أو العموم الجواز فيه مع السعة حتى على القول بالتضيق ، لكن قد عرفت أن الشهيد في روض الجنان حكى الإجماع على عدم الفرق بينها ، ويشهد له التتبع لكلمات الأصحاب ، والله ورسوله أعلم.
(و) إذ قد ظهر لك الحال في محل التيمم شرع في بيان كيفيته ف الواجب في التيمم النية كغيره من العبادات إجماعا محصلا ومنقولا مستفيضا حد الاستفاضة إن لم يكن متواترا منا ومن جميع علماء الإسلام إلا من شذ ، وكتابا (١) وسنة (٢) مع توقف صدق الامتثال والطاعة عليها ، وقد تقدم البحث في المراد منها ، وفي تفصيل دليل وجوبها وفيما يعتبر فيها من نية الوجه والرفع أو الاستباحة في باب الوضوء مفصلا.
وكذا البحث في وجوب استدامة حكمها والمراد من ذلك فلاحظ وتأمل ، لمساواة التيمم غيره في هذه الأمور كلها عدا نية الرفع ، فإنه قد صرح جماعة من الأصحاب هنا بنية الاستباحة فيه لا الرفع ، لأنه غير رافع للحدث عند كافة الفقهاء إلا داود وبعض أصحاب مالك كما في الخلاف ، وعند علمائنا أجمع ومالك والشافعي وأكثر أهل العلم كما في المنتهى ومذهب العلماء كافة ، وقيل يرفع ، واختلف في نسبة هذا القول لأبي حنيفة أو مالك كما في المعتبر ، بل فيه عن ابن عبد البر من أصحاب الحديث منهم إجماع العلماء عليه من غير استثناء ، إلى غير ذلك من الإجماعات المحكية في كلام الأصحاب ، قلت : وهو كذلك ، إذ معنى رفعه الحدث إزالته وإبطاله رأسا حتى لا يجب بعد ذلك طهارة مزيلة له إلا بحدث جديد ، مع أن المتيمم إذا وجد الماء انتقض تيممه ووجب عليه الطهارة بالماء لعين ذلك الحدث ، وإلا فوجدان الماء أو رفع المرض ليس بحدث إجماعا حتى يكون بسببه غير الجنب جنبا مثلا ، ضرورة
__________________
(١) سورة البينة ـ الآية ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب مقدمة العبادات.