هناك وعدمه هنا ، ولذا لم يعتبر في خوف اللص الضرر والإجحاف ، وبما في أخذ اللص ونحوه من الطرق التي لم تعد أعواضا مما لا يحتمل عادة ، بل قد يعد مثله إضاعة المال المنهي عنها ، وبما قيل أيضا إن العوض فيه هنا الثواب بخلافه في اللص ، لكن في الذكرى أنه خيال ضعيف ، لأنه إذا ترك المال لابتغاء الماء دخل في حيز الثواب ، وفيه أنه فرق بين الثوابين ، ولعل مراد المحقق الذي أشرنا إليه سابقا من أن هذا وشبهه مما أمر بالتيمم من جهته يشعر بقيام التراب مقام الماء بأقل من ذلك ، فتأمل جيدا.
والمراد بالحال في المتن وغيره حال المكلف كما هو صريح التذكرة والذكرى وجامع المقاصد وغيرها ، وظاهر إطلاق الضرر في الخلاف ، فيشمل الحال والمتوقع في زمان لا يتجدد فيه ما يندفع به عادة لاشتراكهما في الأدلة السابقة ، واستقراء موارد ما رفع من التكليف للضرر ، وفحوى الأمر بالتيمم عند خوف العطش ، فالثمن الذي هو بدل الماء أولى ، فما يحكى عن صريح المعتبر ـ بل قيل إنه ظاهر المتن من إرادة الزمان الحال لعدم العلم بالبقاء إلى وقته ، ولإمكان حصول مال فيه على تقدير البقاء ، ولانتفاء الضرر ـ ضعيف جدا كدليله ، نعم لو بعد زمان التوقع إلى مرتبة لا يحترز عن مثله في العادات لم يعتبر ، لعدم عد مثله من الضرر ، فتأمل.
هذا كله فيما إذا أضر وأما إن لم يكن مضرا بالحال ولو من حيث الإجحاف لزمه شراؤه إذا كان بثمن المثل اتفاقا محصلا ومنقولا ، لصدق الوجدان وللمقدمة ، بل وكذا لو كان بأضعاف ثمنه المعتاد إجماعا كما في الخلاف ، وفتوى فقهائنا عن المهذب البارع ، بل لعله مندرج أيضا في معقد إجماع الغنية ، وعلى كل حال فهو الحجة ، مضافا إلى صدق الوجدان معه والمقدمة والصحيح (١) قال : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضأ
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب التيمم ـ الحديث ١ مع اختلاف في اللفظ.