فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا ، لانه قال ( بِوُجُوهِكُمْ ) ثم وصل بها ( وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) أي من ذلك التيمم ، لانه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه ، لانه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها » الحديث.
ومنه يظهر حينئذ الاستدلال بالأمر بالمسح من الأرض في صحيحتي الحلبي (١) وابن سنان (٢) لإرادة التبعيض منه ، وما دل (٣) على طهورية التراب ، لظهوره في كونه هو المطهر ، سيما مع ملاحظة المنزلة والبدلية ، فلا بد من مباشرته للمطهر لا باطن الكف بسبب مباشرة التراب ، لوضوح قصور الجميع عما ذكرنا ، سيما بعد إمكان منع ظهور التبعيض ، ولذا تركت في الآية الأخرى ، سيما بعد تفسير الصعيد بما قد لا يحصل منه علوق ، إذ لو سلم ظهور التبعيض فيها فإنما هو فيما لو كان مجرورها قابلا لذلك لا مطلقا ، واحتمال جعل ظهور التبعيض منها قرينة على إرادة التراب بالصعيد ولو مجازا ليس بأولى من العكس ، خصوصا بعد منع الظهور في نفسه وتوقفه على قابلية المجرور لذلك ، بل قد يدعى تبادر إرادة المسح بما باشره وإن لم يعلق شيء من مثل هذا التركيب كما يستعمل الآن فيما يراد التبرك به من ثياب العلماء وضرائح الأئمة (ع) ونحوهما ، أو إرادة المسح من مباشرة الصعيد ، كما يقال : أمسح يدي من هذا الشيء ، وهو وإن كان مجازا حيث لم يكن فيما يراد مسحه بشيء ، لكنه لا بأس به من حيث غلبة حصول العلوق ، فأطلق المسح منه لذلك.
فظهر حينئذ من ذلك كله وجه ما ذكره غير واحد من الأصحاب من احتمال « من » الابتدائية أي ابتداء المسح من الصعيد ، أو الضرب عليه ، سيما مع كونه المعنى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب التيمم ـ الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب التيمم ـ الحديث ٧.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب التيمم ـ الحديث ١٣ والباب ٢٣ ـ الحديث ١ والمستدرك ـ الباب ٥ من أبواب التيمم ـ الحديث ٣.