من حازه الاختصاص به والملكية له دون أصحابه ، ولا يداق بعضهم بعضا بالنسبة إلى كثير الاحتياج اليه وعدمه ، ولذا لم تقع الإشارة في شيء من هذه الاخبار إلى تعرض لذلك ، بل أمروا فيها باغتسال الجنب مع غلبة تعدد وارث الميت وعدم حضوره وطفوليته.
ولعله لما ذكرنا من الإجمال في تلك الروايات سؤالا وجوابا ، بل ربما يخالف ظاهرها أصول المذهب وقواعده أعرض عنها ابن إدريس في سرائره ، حيث قال بعد أن نسب ما عليه المشهور إلى الرواية : « والصحيح أن هذا الماء إن كان مملوكا لأحدهم فهو أحق به ، ولا يجب عليه إعطاؤه لغيره ، ولا يجوز لغيره أخذه منه بغير اذنه ، وان كان موجودا مباحا لكل من حازه فهو له ، فان تعين عليهما تغسيل الميت ولم يتعين أداء الصلاة لخوف فواتها وضيق وقتها فعليهما أن يغسلاه بالماء الموجود ، وان خافا فوات الصلاة فإنهما يستعملان الماء ، فإن أمكن جمعه ولم يخالطه نجاسة عينية فيغسلانه به على ما بيناه من قبل في الماء المستعمل في الطهارة الصغرى على الصحيح من المذهب » انتهى.
لكن في كشف اللثام ان ذلك منه ليس طرحا لاخبار المشهور ، بل تنزيل لها على ما لا يبعد عنها ولا يأباه الشرع والاعتبار ، قلت : إلا أن فهم أكثر الأصحاب على خلافه ان لم نقل هي ظاهرة فيه أيضا أو صريحة ، نعم ما أشار إليه في آخر كلامه من جمع المستعمل مع إمكانه وتغسيل الميت به مثلا إن أمكن جيد ، وقد نص عليه بعض الأصحاب ، وخلو الاخبار عن التعرض له لعله لعدم تيسر ذلك غالبا.
فما في الذكرى ان فيها إشارة إلى عدم طهورية المستعمل وإلا لأمر بجمعه يدفعه ما سمعت ، هذا.
وكان اقتصار المصنف كبعض الأصحاب على خصوص هذه الصورة من بين صور الجمع والتعارض انما هو لمكان ورود الاخبار بها في الخصوص ، وإلا فالصور الحاصلة ـ من اجتماع المحدث بالأصغر مع أنواع الأكبر من الحيض والمس وغيرهما ،