نعم قد يحتمل القول بعدم مشروعية التيمم من حيث ظهور أدلته في غيره ، فيعاقب حينئذ على الصلاة وإن لم تقع منه لسوء اختياره ، فإذا وجد الماء أعاد أو قضى ، لا أنه يشرع له التيمم ثم يجب عليه الإعادة بعد التمكن ، اللهم إلا أن يريد بوجوبه من المقدمة للفراغ اليقيني لا من حيث شمول أدلة التيمم له ، أي أنه لم يتضح له من الأدلة حكم هذا الموضوع أنه من الفاقد ، فيتيمم أولا فيفعلهما حينئذ معا تحصيلا للفراغ اليقيني ، ولا ريب أنه أحوط وإن كان قد ينظر فيه بعد التسليم بأن وجوب القضاء لا يحققه إلا الأمر الجديد لا احتمال الشغل ، فمن جاء بالصلاة متيمما لم يحصل له اليقين بالفوات ، إلا أنه يمكن دفعه ، وكيف كان فالأقوى ما سمعت.
ثم ان الظاهر اختصاص الإعادة بالصلاة التي أريق الماء في وقتها لا كل ما يمكن تأديته بذلك الماء وان لم يدخل وقتها ، بل لا يبعد اختصاص الظهر لو أراقه في وقتها المختص به دون العصر ، وان احتمل بعضهم بناء على دخوله بمجرد انتهاء وقت الظهر ، لكن الأول هو مقتضى الأدلة السابقة ، فتأمل جيدا.
هذا كله إذا أراقه بعد الوقت ، أما قبله فيصلي بتيممه المتجدد إجماعا كما في المنتهى ، ولا يعيد قطعا ، كما أنه لا اثم عليه كذلك أيضا حتى لو علم عدم الماء فيه للأصل ، وعدم وجوب مقدمة الواجب الموسع قبله ، سيما فيما لها بدل شرعي ، خلافا للأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح ، فأوجبه أيضا مع احتمال عدم الماء فضلا عن غيره ، معللا له باستصحاب البقاء الى وقت الصلاة الواجبة ، وكونها من الواجبات المطلقة اللازمة الصدور من المكلف على أي تقدير وأنها أشد الفرائض ، وهما كما ترى ، وكذا قياسه على مقدمات الحج ، للفرق الواضح بينه وبين ما نحن فيه مما يسع الوقت له ولمقدماته ، ومن هنا لم يتحقق الوجوب إلا مع مضي مقدار الطهارة مع الصلاة ، نعم ربما يقال :انه يظهر من الأدلة زيادة الاهتمام بالصلاة ومقدماتها ورفع موانعها كما يشعر به النهي