وإن وافق النهج العربي ففيه أن أقصى ما يمكن تسليمه منه جواز العمل بها ، وربما يقال : وإن خالفت الأفشى والأقيس في العربية ، أما تعيين ذلك وحرمة التعدي عنه فمحل منع ، بل ربما كان إطلاق الفتاوى وخلو كلام الأساطين منهم عن إيجاب مثل ذلك في القراءة أقوى شاهد على عدمه ، خصوصا مع نصهم على بعض ما يعتبر في القراءة من التشديد ونحوه ، ودعوى إرادة القراءات السبعة في حركات المباني من الاعراب في عبارات الأصحاب لا دليل عليها ، نعم وقع ذلك التعيين في كلام بعض متأخري المتأخرين من أصحابنا ، وظني أنه وهم محض كالمحكي عن الكفاية عن بعضهم من القول بوجوب مراعاة جميع الصفات المعتبرة عند القراء ، ولعله لذلك اقتصر العلامة الطباطبائي في منظومته على غيره ، فقال :
وراع في تأدية
الحروف ما |
|
يخصها من مخرج
لها انتمى |
واجتنب اللحن
وأعرب الكلم |
|
والقطع والوصل
لهمز التزم |
والدرج في
الساكن كالوقف على |
|
خلافه على خلاف
حظلا |
وكلما في الصرف
والنحو وجب |
|
فواجب ويستحب
المستحب |
فحينئذ لو أجمع القراء مثلا على كسر « حيث » مثلا لم يمتنع على المصلي أن يقرأها بالضم أو الفتح ، وهكذا في سائر حركات البناء والبنية والاعراب والإدغام والمد وغيرها ، ومن العجيب دعوى بعض الناس لزوم ذلك حتى لو كان وقوع ذلك من مثل القراء لمجرد اتفاق لا لأنهم يرون وجوبه ، فإن العبرة بما يسمع منهم لا بمذاهبهم إذ هي دعوى لا دليل عليها ، بل ظاهر الأدلة خلافها ، بل وخلاف ما صرحوا بوجوبه مما لم يكن في العربية أو الصرف واجبا ، بل لو أن مثل تلك الأمور مع عدم اقتضاء اللسان لها من اللوازم لنادى بها الخطباء ، وكرر ذكرها العلماء ، وتكرر في الصلاة الأمر بالقضاء ، ولأكثروا السؤال في ذلك للأئمة الأمناء ، ولتواتر النقل لتوفر دواعيه ،