والنصوص (١) دالة عليه أيضا وإن لم يكن بتلك الكثرة والدلالة في الفاتحة ، نعم شذ ابن الجنيد فذهب إلى أنها افتتاح في غير الفاتحة لبعض النصوص المحمول على التقية ، أو على إرادة عدم قراءة السورة مع الفاتحة ، أو غير ذلك.
ومن الغريب دعوى جريان العادة بتواتر هذه الهيئات وعدم جريانها في تواتر كثير من الأمور المهمة من أصول الدين وفروعها ، فدعوى جريانها بعدم مثل ذلك أولى بالقبول وأحق ، وأغرب منها القول بأن عدم تواترها يقضي بعدم تواتر بعض القرآن ، إذ هو مع أنه مبني على كونها من القرآن ليس شيئا واضح البطلان ، ضرورة كون الثابت عندنا تواتره من القرآن مواد الكلمات وجواهرها التي تختلف الخطوط ومعاني المفردات بها لا غيرها من حركات « حيث » مثلا ونحوها مما هو جائز بحسب اللغة وجرت العادة بإيكال الأمر فيه إلى القياسات اللغوية ، من غير ضبط لخصوص ما يقع من اتفاق التلفظ به من الحركات الخاصة ، وكيف وأصل الرسوم للحركات والسكنات في الكتابات حادث ، ومن المستبعد حفظهم لجميع ذلك على ظهر القلب.
ومن ذلك كله وغيره مما يفهم مما ذكر بان لك ما في دعوى الإجماع على التواتر على أنه لو أغضي عن جميع ذلك فلا يفيد نحو هذه الإجماعات بالنسبة إلينا إلا الظن بالتواتر ، وهو غير مجد ، إذ دعوى حصول القطع به من أمثال ذلك مكابرة واضحة كدعوى كفاية الظن في حرمة التعدي عنه إلى غيره مما هو جائز وموافق للنهج العربي وأنه متى خالف بطلت صلاته ، إذ لا دليل على ذلك ، بل لعل إطلاق الأدلة يشهد بخلافه واحتمال الاستدلال عليه بالتأسي أو بقاعدة الشغل كما ترى ، وأما الإجماع المدعى على وجوب العمل بالقراءات السبع أو العشر كقراءة ابن عامر « قتل أولادهم شركاؤهم » وقراءة حمزة « تساءلون به والأرحام » بالجر ، وأنه لا يجوز التعدي منها إلى غيرها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة.